34.4 C
الجمهورية اليمنية
3:45 مساءً - 3 مايو, 2024
موقع اليمن الاتحادي
- أهم الأخبارعين الحقيقة

26 سبتمبر ثورة شعب .. وحرية وطن (2)

تحفة حبل … ثورة هزت عرش الأمامة 

من يعيد قراءة التاريخ، يكتشف قصصا مدهشة يتناقلها سكان ريف اليمن، لم يتطرق لها المُؤرخون، والكتاب حتى الآن ومنها سير لقامات نسائية تحدت نظرة المجتمع الدونية للمرأة في العهد الإمامي ، وكانت أبرزهن ” تحفة سعيد سلطان ” المعروفة بـ ( تُحفة حُبل ) .
وبمناسبة اقتراب موعد حلول الذكرى الحادية عشر لرحيلها، نقدم لكم ما تيسر من قصة امرأة يمنية غير عادية عاشت حياتها في قرية ” حُبل ” بمنطقة العسيلة التابعة لمديرية شرعب السلام شمال مدينة تعز …
لقد شقت تحفة حبل طريقها بجدارة نحو النفوذ في منطقة شرعب خلال طغيان سلطة الإمامة، وحظيت بمكانة استثنائية لدى الناس نتيجة تعاملها معهم بعيدا عن الثنائية الطبقية ” الشيخ والرعية” .. ومن هناك بدأت طريق المجد .
يتداول ابناء مديرية شرعب السلام حكاية يمنية استثنائية،تحدت نظرة المجتمع للمرأة الريفية، وأثبتت قدرتها على منافسة الرجل في ادارة شؤون الحياة وزراعة الأرض…
ولم ينحصر حضورها العاصف في حدود قريتها، بل اتجه نحو وادي نخلة بإعتباره شريان زراعي يمتد من إب مرورا بتعز وصولا الى الحديدة .
كان ذلك بعدما تمكنت من استعادة ارض اباءها و أجدادها، ما مكنها من الحصول على نصيب الأسد منها بحكم جهودها الذاتية في استعادة املاك اسرتها .
وترجمة نظرتها الثاقبة للحياة وحاجة المجتمع الأكثر تقدما، بذلت جهودا جبارة من أجل الانتصار لقضايا الناس، وإنصافهم من غول الإقطاع في العهد الأمامي.
وبفعل حرصها على الشراكة مع المواطنين، عملت على استصلاح اراض قاحلة، واعتمدت على ابناء قريتها وأبناء القرى المجاورة لأملاكها في المناطق البعيدة ، ومَلَّكَت الناس تلك الاراضي.
وكانت قد تقاسمت مع الناس العاديين والمهمشين خيرات الأرض ومَلَّكَت اغلبهم اراض مقابل مبالغ سنوية زهيدة، وبفعل ذلك تمكنوا من الاستقرار وبناء أسر وتعليم ابناءهم بداية العهد الجمهوري .
ومن هنا ذاع صيتها ، وحظيت بحضور مجتمعي مشهود من خلال انحيازها للإنسان، وكان لها مواقف مناهضة لسياسة الجباية الجائرة في العهد الإمامي، وبطش العُكف بالمواطنين .
وعملت بطرق مختلفة على تأليب المواطنين ضد عُكف وعمال الإمامة، واستجاب لموقفها عديد من المواطنين وملاك الأرض، وهذا ما جعل من منطقة شرعب خارج نفوذ الإمامة.
كما حرصت على شراء اسلحة متنوعة ووزعتها على العاملين معها لحماية الأرض، وكانت عيون الإمامة مذعورة من امتلاكها لـ ” شجرة سلاح”، ما اعتبرها الإمام أحمد خطراً يهدد استمرار تدفق الجبايات من شرعب الى بيت المال .
في المقابل، عجز عُكف وأعيان الإمامة عن الحد من نفوذها بتأليب الناس والنافذين بهدف مصادرة املاكها واملاك أسرتها بطرق غير مشروعة .
رفضت تحفة حبل الركوع لجبروت الإمامة، وخرجت من شرعب السلام الى قصر العرضي بمدينة تعز في أول مسيرة راجلة، وقابلت الأمام قبل إتخاذ إي تحرك شعبي مناهض لعُكفه بالمنطقة .
عجز العُكف عن تحجيم دورها، وتحجيم حضورها الشعبي، وكانت مخاوف الإمام تزداد من توسع نفوذها، وبالذات بعد طردها لعُكفه وعامله، وانتصارها على الاعيان المحسوبين على الإمامة في المنطقة .
بعد ايام من مقابلة الأمام وعودتها الى شرعب ، خاطبها الأمام بشكل رسمي (من الأمام أحمد الى تُحفه حُبل….. )، متعهدا بإنصافها ، ومنع عماله وعكفه واعيانه الاقتراب من املاكها واملاك المواطنين في وضيحة شرعب السلام .

وأطلق الإمام أحمد حميد الدين بحق البطلة الشرعبية هذا الزامل “ياشرعبية خلي الاذية صوت المدافع بالجحملية”

 ووصفت الإمام أحمد في إحدى رسائلها بإمام صالة حين بدأت رسالتها إليه بالعبارة التالية: من تُحفة حُبل إلى إمام صالةوأجبرته أن يرد عليها بنفس طريقتها:
من الإمام أحمد الى تُحفه حُبل، وهي أول إمراة يمنية تقود مسيرة سلمية راجلة ضد النظام الإمامي من شرعب الى مدينة تعز .
كما تعهد الإمام أحمد بعدم تكرار تعسفات عكفه ضد المواطنين العاملين في استصلاح الارض ، وعدت الرسالة اعتراف ملكي بنفوذها في شرعب .
توسع نفوذها بالمنطقة، وتضاعف احترام الناس لها، وتفرغت لحسم قضايا متعلقة بملكية الارض ، وكذا التوسع في الحصول على املاك جديدة وتوزيعها بين الناس .
وفي العهد الجمهوري، انحازت لخيار تعليم الشباب، وكان اغلب ابناء منطقة حُبل يعتمدون على ارضها في الحصول على لزوميات تعليم ابناءهم .
وفي سبعينيات القرن المنصرم، كانت تحفة حبل من أبرز المنحازين لخيارات شباب المنطقة المقاتلين في صفوف الجبهة الوطنية .
ونظرا لموقفها الرافض للظلم في العهد الجمهوري وقبله في العهد الملكي، تجنب رجال الجبهة الوطنية المساس بأملاكها قياسا ببعض مشائخ شرعب الذين اتخذوا مواقف عدائية من الجبهة الوطنية .
ويشير مقاتلون جبهويون الى أنهم كانوا يحصلون على القات خلال المواجهات مع الجيش من المزارع الخاصة بالرفيقة الاولى تحفة حبل ،وفقا لتعبيرهم .
وظلت تحفة حبل ملكة حميرية في نظر ابناء منطقة شرعب منذ فجر امجادها المناهضة للظلم في عهد الإمام مرورا بدورها في العهد الجمهوري وانحيازها للمطالب العادلة للجبهة الوطنية الى أن غادرت الدنيا بتاريخ ٢٩/١٢/١٩٩٥م.

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد