عز الدين الأصبحي
أخيراً واشنطن تدرج جماعة الحوثي على لائحتها السوداء للجماعات المنتهكة للحريات الدينية، إلى جانب عشر مجموعات أخرى بينها جبهة النصرة وتنظيم داعش وبوكو حرام.
أخذت أمريكا أكثر من خمسة أعوام لتخطو خطوة أولية في تصنيف ميليشيا الحوثي كجماعة متطرفة،
وليس مرد التأخر في الموقف عدم قدرة واشنطن على معرفة خطورة خطاب الحوثي المتطرف، بل لأن الضرر الأكبر الذي يحدثه الحوثي بقي في قلب الشعب اليمني وحده.
(ولهذا فتطرفه هذا غير مضر لاتخاذ موقف ضده إن لم يكن في الأصل تصرف محمود يسهم في إغراق المنطقة باوجاعها واستهلاكها للموت).
الحوثي الذي اندمج مع داعش أسلوبا وروحا بقي ولا يزال يوصم مخالفيه بالدواعش لأن هذه الكلمة بنظره كافية لفتح باب الرضا الدولي عنه كمخلب قط يشوه فيه وجه الوطن لا أكثر.
وعندما أدرك اللاعبون الدوليون أن الحوثي قابل أن يبقى مجرد ترس في اليد الإيرانية أكثر منه يد بطش تمزق المجتمع وترفع قائمة الاستهلاك للأسلحة وأن الرهان في جعله فقط يضر باليمنيين وحدهم دون أن يستخدم في الإضرار بالآخرين رهان يتراجع، تم رفع الغطاء قليلا عنه قليلا، وجعله مثل داعش وبوكو حرام وهو حتما أشد ضراوة منها جميعا.
وصنف كجماعة منتهكة للحريات الدينية ( فقط) ! والحقيقة التي يتغابى عنها الجميع إقليميا ودوليا أن ميليشيا الحوثي جماعة صهرت بحقد عنصري ورغبة توسع متوحشة لا تعير أي انسان أو كيان آخر أي قيمة أو اعتبار.
وأن هذه الجماعة ستكون مخلب إيراني لضرب الجزيرة والخليج ولن تكتفي بضرب وسط اليمن وجنوبه فقط فالأمر أكبر.
المشروع الحوثي يقوم على ضرب كل مشروع آخر.
يقوم على ضرب مشروع الوطن ومؤسسات الدولة.
ويعتبر المحيط مجرد ساحة لانطلاق ما يسميه لجنة جمع الغنائم.
الحوثي سينفذ لإسرائيل وأمريكا قبلها كل ما تريد لجعل المنطقة تعاني من ( وجع رأس) وعدم استقرار .. وهذا سر بقاءه لكنه صار صاحب حلم مثل طهران لا يرضى إلا بزوال الآخرين لهذا سيحتدم الصراع أكثر.
وما لم يحسن الجميع في التعامل مع مرض ينتشر كوباء فإنه سيدركهم الخراب العظيم.
في 1979 كان شعار تصدير الثورة الذي جاء به الخميني يُستقبل بعدم انتباه من المنطقة الغارقة بتصفيات حسابات ضيقة وفرحة في الإنتصار على أي مشروع قومي وإجهاض كل فكرة لدولة وطنية حديثة.
حتى جاء اليوم الذي نرى فيه هذا السواد يعم المنطقة كلها.
* خلقت الأجهزة الدولية نظريات التطرف في الثمانينات لتظهر فرق المقاتلين الجوالة تحت مسميات عدة
ثم رجعت هذه الأجهزة تشكو من نيرانها بعد أن علمتها كيف تصنع الخراب وتنظر للآخرين باحتقار.
وما كان تسميه الوكالة الدولية (بالمجاهدين) اصبح اسمهم ( الارهابييين).
وكان الثمن ضياع ثلاثة عقود من عمر بلداننا وضياع جيل كامل في متاهة لا تنتهي وتخلفنا عن ركب اللحاق بالعصر قرن كامل على الأقل.
الآن يتم صنع نفس السيناريو باستبدال لون العمائم البيضاء بالسوداء وخلق متاهة جديدة من التطرف باسم الثورة الدينية والفقيه والسيد.
انه الجزء الثاني من ضياع هذه الأمة وتقسيم جغرافيتها، وضياع جيل جديد كامل لربع قرن على الأقل في متاهات الصرخة.
كما ضاع جيل قبله، تخلف معرفي آخر يجعل المنطقة خارج التاريخ قرن آخر.
للحديث بقية وللوجع أيضا بقية.