27.5 C
الجمهورية اليمنية
2:43 مساءً - 21 نوفمبر, 2024
موقع اليمن الاتحادي
Image default
اقلام حرة

عام من إنجازات الخيبة!*

**عز الدين سعيد الأصبحى:

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، فى أشهر رسالة له لمجلس الأمن وأظنها آخر رسائله، أنه لا “وجود لمكان آمن فى غزة”، وعدم وجود حماية فعالة للمدنيين.

وأظن علينا أن نضيف ولا مكان آمن فى العالم، هناك حالة من تصدير القلق على مختلف المستويات وكلها تصب فى نزع الأمان من داخل نفوسنا كبشر.

والرسالة الشهيرة للأمين العام فى نظرى مجرد خطاب تطهير قبل أن يغادر الموقع الدولى، والأهم هل يبقى النظام الدولى بصورته الحالية قائما، أم هى بداية النهاية؟.

فقد أظهرت الأمم المتحدة بعد ثمانية عقود أنها نظام هرم وصار بعجزه يضر أكثر مما يفيد!

نحن فى عالم لا مكان فيه للحظ، كما لا يمكن أن يُدار بحسن النوايا، ومفارقات هذا العام لا تنته أبداً، هو عام الدهشة بامتياز، فحتى الرمق الأخير وهو يصعقنا بمفارقاته، مفارقات لهزلها وعجبها تحتاج مؤرخا خفيف الظل، يكتب عنها لا مفكر يبحث فى عمق المتغيرات!.

نحن نختتم عاماً فى عد الشهور وحساب التقويم، ولا نختتم مسار سنة لم تنته بانتهاء ديسمبر، فإذا كان ديسمبر آخر شهور العام، لكنه مازال مفتتح درب الآلام.

ومن منبر الأمم المتحدة لا غيره حيث أبرز تجليات إنجازات القرن، تجد المفارقات المذهلة.

أمريكا تتصدى لقرار العالم من أجل وقف الحرب فى غزة، قرار المطالبة بوقف الحرب إنسانياً، والخطوة بناءً على رسالة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش والذى استخدم فيها المادة 99، وتلك أكبر خطوة دستورية فى نظام المؤسسة الدولية.

أمريكا ضربت بالحقوق الإنسانية عرض الحائط، ورفضت وقف حربها الإسرائيلية ضد القضية الفلسطينية برمتها.

وفى الرواق الآخر من المنظمة الدولية العتيدة، يحتفل نفس العالم بالذكرى الخامسة والسبعين للإعلان العالمى لحقوق الإنسان، ويخرج نفس المسئولين الذين يرفضون وقف الحرب يدعون العالم لتعزيز التزامه بالقيم الخالدة المكرّسة فى الإعلان العالمى، وأن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان هو بمثابة خريطة طريق تهدى إلى السبيل لإنهاء الحروب ورأب الانقسامات وتعزيز العيش فى سلام وكرامة للجميع.

وفى نفس اللحظة كانت شحنات الأسلحة ترسل من أجل ضرب غزة. ولوبيهات مصانع الأسلحة ومصارف عابرة للقارات تعيد صياغة مغانم العالم، وتوزيع خريطة نزاعاته بما يضمن تدفق الدماء والأموال. ليس هناك إمكانية اختلاق مشهد غرائبى فى الدراما مثلما يصوره هذا الواقع نفسه. نذهب بوفد يمثل الأمة العربية والإسلامية إلى الكونجرس الأمريكى لأجل فلسطين فيطلب ألا يدخل ممثلها مع الوفد إلى الكونجرس، ثم تلتهب الأكف الأمريكية بالتصفيق للديمقراطية.

وفى الوقت نفسه الذى يجتمع فيه قادة العالم من أجل الاقتصاد والثورة الرقمية، تقول نفس الأمم المتحدة، أن أكثر من طفل واحد بين كل خمسة يعيش فى فقر فى 40 دولة من أغنى دول العالم.

فأى أرقام مدهشة وأى إنجاز أهم من إنهاء الجوع؟. ونحن فى عالم مولع بالأرقام وصنع الآلام فهنا إحصائية تقول إن حصيلة الاشتباكات المسلحة التى شاركت فيها قوات الدول أو الجماعات المتمردة فى هذا العام 2023، بلغت 8622 حدثًا، حسب قاعدة البيانات لمواقع الصراع المسلح ومشروع بيانات الأحداث (ACLED)، وتلك إحصائية زادت فى الأسابيع الماضية فقط.

اما ونحن نكتب من أروقة الأمم المتحدة وحمى ذكرى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، وأصوات الديمقراطية والمساواة التى يطاح بها فى الشوارع فلا مناص من ذكر أن فى غزة وحدها يشهد العالم المذبحة الجماعية للصحفيين، وهى واحدة من تلك الفظائع (فى غزة). فبحسب لجنة حماية الصحفيين، يعدّ هذا الصراع الأكثر دموية للعاملين فى مجال الإعلام على الإطلاق، وتعرض ما لا يقل عن 57 صحفياً ـ من بينهم 50 فلسطينياً ( صاروا حتى أمس الأول 90 صحفيا)،وسبعة صحفيين أجانب للقتل العنيف وأصيب 100 آخرون، كل ذلك فى سبعة أسابيع فقط. ولوضع هذه الأرقام فى نصابها الصحيح، ونقلا عن الاتحاد الدولى للصحفيين، قُتل ما مجموعه 68 عاملاً فى مجال الإعلام على نطاق عالمى خلال عام 2022 بأكمله.

ولا يجرؤ حتى رفقاء المهنة والألم على نصرة أنفسهم فى موجة من الطغيان تجتاح العالم، والخطأ الأساسى فى أى نضال ضد الظلم أننا نعمل على إنهاء الطغاة لا إنهاء العبودية، وننسى أن العبيد أنفسهم هم من يصنعون الطغاة، وبالتالى تعود دائرة الظلم بطغاة جدد. أخرج من اللقاء الدولى وأنا أقرأ عبارة: أنه إذا كان السباق يرفع سعر الخيول، فالمواقف هى من ترفع قدر البشر. تقتلنى الحيرة أكثر وأنا أبحث عن موقف للسيارة لا للبشر، فى عالم يودع عاما من الخيبة ليس كمثلها خيبة.

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد