19.4 C
الجمهورية اليمنية
3:24 صباحًا - 24 نوفمبر, 2024
موقع اليمن الاتحادي
اقلام حرة

الفكر العسكري الحوثي/الإيراني في اليمن وقدرته على الاستمرار

عبدالقادر الجنيد

هذه محاولة لفهم كيف استطاع الحوثيون البقاء والاستمرار في الحرب للسنة الخامسة على التوالي.

لن ندخل في المسألة الزيدية والإثني عشرية، ولن ندخل في مسألة هل الحوثيون أذناب لإيران ؟ أم أنهم يستعملون الإيرانيين لإعادة “الإمامة” الهاشمية أو شكل مُحَوَّر منها على طريقة المرشد الأعلى الإيراني؟

ولن أتطرق في هذه المقالة لأهمية دعم إيران للماكينة الحربية الحوثية، التي تستطيع الآن أن تضرب بالصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية بواسطة خبراءها العسكريين داخل اليمن، إلى أعماق السعودية وإلى قتل مئات من جنود الشرعية اليمنيين أثناء الصلاة أو حفلات التخرج والاستعراضات العسكرية.

سنتكلم فقط عن تكتيكاتهم في الحرب والماكينة الحربية واستغلالهم للعصبيات السلالية والقبلية والمناطقية وتناحر الوجاهات والمشيخات وكيف استطاعوا أن يستمروا من الناحية العسكرية والسياسية.

وكيف تسبب عجز الشرعية والتحالف في مساعدة بقاء الحوثيين.

**
أولا: وحدة القيادة الحوثية
**

هناك عبدالملك الحوثي وعبدالله عيضة الرزامي وعبدالله الحاكم (أبو علي)، وعندما نسمع بأن أحد هذا الأسماء قد تصدر لشيئ أو قال بشيئ فإننا نعرف بأننا سنواجه مشكلة أو بأنهم يعنون ما يقولون.

إنظر خروج وحركات أبو علي الحاكم والرزامي، بين قبائل الطوق وشراءهم لذمم مساعدي ومرافقي “الزعيم”، في الأيام السابقة لقتلهم للرئيس السابق علي عبدالله صالح، كمثال.

**
ثانيا: العصبية السلالية
**

الهاشميون، ملتفون حول الحوثي ويمثلون نقطة الارتكاز الأولى للحركة الحوثية وهم في الإدارة والقيادة والبيروقراطية ووقود الحرب

**
ثالثا: العصبية القبلية الشمالية
**

من الفنون الحوثية الكبرى، هي فهمهم للأزرار والمفاتيح التي تسير قبائل شمال اليمن ابتداء من الداعي والمغرم ورابطة النسب والدم والأخوة وأبناء العمومة إلى رد “العدوان” ومحاربة “الأجنبي”.

وقد ضغط الحوثيون على هذا الأزرار والمفاتيح القبلية وجعلوا نساء القبائل يخبزن الكعك لهم ويقدمن أطفال القبيلة وقودا للحرب، بجانب زوامل الرجال و رقصات البَرَعْ بالخناجر وإطلاقهم لصرخة الموت لأمريكا ولإسرائيل

**
رابعا: العصبية المناطقية الشمالية
**

بالإضافة إلى العصبية السلالية والقبلية الشمالية، التي يتميزون بها، فإنهم لم ينجوا من مرض العصبية المناطقية، التي تنخر وتتفشى في أي مكان في اليمن عندما تجد من الظروف أو اللاعبين أو الخبثاء من يلعب بأزرارها في أي مكان في اليمن سواء كان شمالا أو وسطا أو جنوبا، وفي كل محافظة من صعدة إلى المهرة، وأحيانا حتى بين القرى المجاورة وقد تصل إلى الأحياء السكنية في نفس المدينة.

وقد حرك الحوثيون في شمال البلاد زرار ومفتاح خطر “البراغلة” و “اللغالغة”، مع أنهم ينكرون رسميا هذا ويتهمون أي معارض لهم بأنه هو المناطقي.

**
خامسا: ١٦ سنة حرب
**

الحوثيون، لم يتوقفوا عن القتال منذ أول حرب حوثية في ٢٠٠٤، وقد تعلموا بأن يقفزوا غريزيا إلى الرقبة والقصبة الهوائية.

وهم في حالة استنفار غريزي، ويردون بدون تفكير وبأقصى سرعة وبوحشية على أقل بادرة معارضة سواء كانت بالنقد أو الكلام أو العمل أو السلاح.

**
سادسا: التخويف والترويع
**

إعدام المشائخ، وقطع الرؤوس في الأماكن العامة، وقتل أطفال المعارضين لهم، وأخذ الرهائن على الطريقة الإمامية، والاختطاف والإخفاء القسري، ونهب الممتلكات ومصادرة الأموال وتفجير البيوت.

وهناك العقاب الجماعي، بتدمير قرى وقتل أسر بكاملها وتشريد سكان قرى بعيدا عن بيوتهم وأراضيهم كما حدث في حجور- محافظة حجة.

**
سابعا: انتشار الحوثيين بمجاميع صغيرة للتحكم بمساحات وتعداد سكاني كبيرة
**

١- الحوثيون، لا يتجمعون أبدا في مكان واحد، وإذا كانوا يسيطرون على إحدى المناطق فإنهم يتناثرون على هيئة عدة أفراد يطبخون ويأكلون ويخزنون القات مع بعضهم البعض، وغالبا ما يكونون أقارب لبعضهم البعض أو من نفس القبيلة.

وهذا قد نفعهم بالتقليل من خسائرهم في حالات الغارات الجوية.

٢- الحوثيون، قد يحاصرون مدينة كاملة يقدر سكانها بمليون نسمة- كما يحدث في تعز- بحوالي ١٠٠ حوثي “عقائدي” وبمساعدة متحوثين محليين في الخلف والتموين والخدمات.

يتمترس فرد واحد حوثي “متشنج” في خندق أو خلف صخرة على تبة أو من خلال طاقة في ديمة على رأس تبة وحوله عدة حُفَرْ واحدة بها بندقية قناص وأخرى مدفع م.ط. ومن أمامه حقل ألغام يمنع عنه أي هجوم مباغت بجانب أفخاخ متفجرة يتحكم بها عن بعد بالريموت

بالإضافة إلى مدافع أكبر من الخلف تطلق قذائفها عشوائيا على المدنيين المحاصرين.

هذا استعمال “اقتصادي” ناجح للحوثيين للإمكانيات التي بأيديهم وللسيطرة على ملايين من الناس والأراضي والخيرات والموارد وإنتاج المصانع، ويتيح لهم الاستمرار بهذا الوضع لسنين إذا لم يتفنن رجال الشرعية بابتكار طرق لكسر هذه المعادلة.

وهذا الضغط العسكري المستمر من قبل الحوثي، يخدم أشياء أخرى غاية في الخطورة، وهي إذلال القادة العسكريين والمسؤولين المدنيين لجانب “الشرعية” في عيون المواطنين، وبث مشاعر قلة الحيلة واليأس من قرب الخلاص من كابوس الحوثية، وتحول مشاعر المقاومة والبطولة ونزعات الحرية إلى مشاعر الاستسلام وعبثية الحرب، و سفسطة “كلنا إخوة” ولا ضرر من أن يركبنا صاحب صعدة بالسلاح والقوة فكلهم في النهاية إنما هم حكام سيئون فاسدون ولا فرق إن حكموا بالسلاح أو بالانتخابات.

**
ثامنا: مرونة انتشار القوات ونقلها بين الجبهات
**

وبجانب تكتيكات الحرب بفصائل صغيرة، فإن الحوثيين يحشدون الآلاف من الجبهات الأخرى “النعسانة” يقذفون بها إلى الجبهات الساخنة.

وقد يضطرون حتى إلى إرسال “كتائب الموت” أو “الحسين”، وعند اللزوم فإنهم يرسلون “الرزامي” المهووس القابع في كهف في صعدة ينتظر بعث حسين بدر الدين الحوثي صاحب “الملازم” و “الطلاسم”.

وقد حصل هذا الحشد وتحريك الميليشيات الحوثية من الجبهات الناعسة ووصول كتائب الموت والمجنون الرزامي من قبل في جبهة نِهْمْ في ٢٠١٨ حيث تكبدت هذه القوات الحوثية خسائر كبيرة من القادة الكبار والأفراد المتشنجين العقائديين.

ولكن التحالف، أرقد جبهة نهم.

وقد تم استعمال هذا التحريك للقوات من الجبهات الناعسة أيضا إلى الحديدة، عندما اقتربت “القوات المشتركة” من تحرير المدينة والميناء وكنا نرى صور الغرافات والحراثات تدفن جثث كتائب الموت جماعيا في الحفر.

ولكن التحالف، أرقد جبهة الحديدة.

وربما يتم تحريك قوات حوثية من الجبهات النعسانة الآن إلى جبهة نِهْم التي اشتعلت من جديد.

**
تاسعا: سوء تصرف التحالف في المناطق المحررة جنوبا وشمالا
**

قام التحالف بإنشاء وتسليح أحزمة أمنية، وقوات نخب، وعمالقة ومجلس انتقالي، وصب الزيت على جمر وقيد الخلاف بين الضالع وأبين، وشجع انطوائية حضرموت والمهرة.

وجعل التحالف كل جنوبي يكره كل جنوبي.

وسمعت أنا شخصا من أبين يقول بأنه مستعد للتحالف مع الحوثي ولا أن يقبل بعيدروس الزبيدي.

وفي الشمال، أنشأ التحالف حراس الجمهورية بقيادة طارق عفاش الحارس الشخصي لعمه الرئيس السابق صالح، وسلمه الساحل الغربي والمخاء باردا مبردا بعد أن كان قبلها بعدة شهور يحاصر مدينة تعز مع الحوثي ويقتل أهلها ببنادق القناصة.

واستغل التحالف التنافر الحزبي، والتنافر الإسلامي السلفي/الإخواني وتَغَلَّفَ بالمناطقية بين شرعب والمخلاف وجبل حبشي من جهة وبين الحجرية في الجهة أخرى، وحتى على مستوى الأحياء في مدينة تعز مثلا حيث اندلعت حرب شوارع مخزية داخل المدينة.

ولعب التحالف- وخاصة الإمارات- بوعي الناس ومسلماتهم، حتى رأينا البعض في تعز يفضل التعامل مع طارق عفاش الذي لا يعترف بالشرعية على التعامل مع قائد المحور خالد فاضل الذي يتبع نائب رئيس الشرعية علي محسن إبن عم طارق عفاش.

وعبث التحالف بمسلمات الناس- في مكان مثل تعز- حتى صار “المتحوثون” و “الإنتهازيون” و “المتمصلحون” يفضلون عبد الملك الحوثي القادم من كهوف صعدة بمسيدته وزيديته وجاروديته وإثني عشريته وجعفريته على أحمد القميري بسنيته وشافعيته وهو من أهل البلاد.

المناطق المحررة- في الجنوب والشمال- هي الجبهة الداخلية، والتحالف عبث ويعبث بالجبهة الداخلية، ونرجو أن يتوقف العبث بالجبهة الداخلية.

بدون جبهة داخلية، لا توجد جبهات مواجهة وقتال.

**
عاشرا: سوء تصرفات الشرعية
**

ما هو عكس كل نقطة من النقاط السابقة، ينفع لأن يكون إحدى مساوئ الشرعية والتي ينتج عنها استمرار ماكينة الحرب الحوثية بالطنين والهدير

١- لا توجد قيادة ولا حس قيادة

٢- لا يوجد فكر عسكري يبتكر ويرتجل ما يلزم من تكتيكات لمواجهة أساليب حروب العصابات الحوثية والانتشار بمجاميع قليلة، والتغلب والإلتفاف على حقول الألغام، والنزول خلف خطوط العدو المتمترس المحصن.

٣- لا يوجد “فكر” عسكري، يشعل كل الجبهات في وقت واحد ويحرم الحوثي من تحريك ميليشياته من الجبهات النعسانة إلى الجبهات المشتعلة.

٤- لا نعرف من هو المسؤول عن أي شيئ من أمور الشرعية.
ولا نعرف إن كانت هناك غرفة عمليات حربية مركزية أو مشتركة مع التحالف.

أو أننا نعرف بأن هناك مثل هذه الغرف الحربية للعمليات، ولكن الأدلة تؤكد بأنها فارغة ولا تعمل وأن القادة لم يدخلوا هذه الغرف أصلا.

من المسؤول عن تحريك القوات إشعال الجبهات والتنسيق بينها؛ هل هو الرئيس؟ أم نائب الرئيس؟ أم وزير الدفاع؟ أم قائد محور؟ أم قائد لواء؟ أم السعودية؟ أم الإمارات؟

وهناك فشل على العديد من المستويات، ولا نعرف من المسؤول عن الفشل.

وهذا غير قابل للاستمرار.

٥- لا يوجد أي مجهود من قبل الشرعية لتوحيد صفوف مكوناتها، بل بالعكس الجهود موجهة لزيادة تناحرهم.

٦- لا يوجد أي مجهود لكسب عقول وقلوب الناس في المناطق الواقعة تحت قبضة الحوثي، بل بالعكس فإن أهلنا هناك يرون ما يحدث لنا على يد المتنفذين والسلطات المحلية والشرعية والتحالف، فيفضلون البقاء على ما هم عليه من هوان وإحساس بالغبن حتى يقضي الله بالأمر من عنده.

**
الخلاصة
**
والبعض، يعجبهم أن يسأل:

“وما العمل؟”

العمل واضح:

١- إدرس كل نقاط قوة عدوك الحوثي التي تمكنه من الاستمرار بالحرب، وحَيِّدْها.

٢- إدرس كل نقاط ضعفك، وتخلص منها.

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد