26.2 C
الجمهورية اليمنية
2:06 صباحًا - 7 مايو, 2024
موقع اليمن الاتحادي
اقلام حرة

قولوا لعين الشمس !

*عزالدين سعيد الاصبحي :

حضرت هذا الاسبوع ندوة علمية عن الطاقة الشمسية وأهميتها
كنت بحاجة إلى طاقة متجددة في الروح أكثر من الاستماع إلى اكتشافات علمية حديثة معقدة بالنسبة لي.
وقلت في نفسي وأنا أحضر نقاشات لعلماء عرب توزعوا من اليابان إلى اليمن والمغرب، هي فرصة للاستفادة العلمية في مجال حيوي هام وهروب مؤقت من نقاشات السياسة وصراعات الشرق الأوسط.
ولأن الموضوع شدني رأيتني اغوص في ( بحور اجهلها) عن الطاقات المتجددة وعن وضعنا العربي الذي يعاني من كوارث أخرى لا تقل خطورة عن الصراعات العسكرية. فهناك أوجه أخرى للحرب عبر السيطرة على مصادر الطاقة والتي لم يعد البترول والغاز وحده مصدرها. فهذه الصحراء التي تقتل شمسها شبابنا الهارب من وضعه الاقتصادي ويحلم بالهروب منها إلى جنة الأنهار الأوروبية هي مطمع القوى الكبرى والشركات العابرة للازمان والمسيطرة على الاوطان.
وسينتج العالم خلال أقل من عشر سنوات أكثر من ثلث احتياجاته من الكهرباء عبر الشمس والرياح، وسيتجه إلى السيطرة على هذه المناطق المشعة ليبيع لنا الضوء. وظهرت تجارب ملفتة فاليمن الذي عانى خلال أربعة عقود من تدني الخدمات وفقد في الحرب معظم البنية الأساسية ومنها الكهرباء وانعدام المشتقات النفطية، ذهب المواطن فيه دون المؤسسات إلى حلول فردية، وصار 75 بالمائة من سكان المدن و 50 بالمائة من سكان المناطق الريفية يحصلون على الكهرباء من الطاقة الشمسية.
ولكن في المقابل فإن إسراف المزارعين بإستخدام الطاقة الشمسية لضخ المياه الجوفية في بلد يعاني من شح المياه أدخل البلد في منعطف خطير لفقدان المياه.
وعلى ذكر الماء فلا تزال الحرب التي تهدد المنطقة العربية هي حرب المياه ومايجري من سياسية سد النهضة في أثيوبيا ليس سوى وجه آخر ممنهج لإرهاق هذه الأمة وحصارها من خلال الأمن المائي الذي سيشتد خطره خلال العقد القادم إذا لم تجد الدول العربية حلولا ناجعة يقوم على التكامل الاقتصادي وتعزيز الشراكات.

وخلال نقاشات ممتدة وجدت نفسي متلبسا ثانية بعمق الملف السياسي الذي ظننت أني ساهرب منه إلى الإستماع لمعلومات وعلوم محلقة في الفضاء، تخفف عنا وجع الأرض وصراع أهلها، حيث تداخلت الأفكار والمقترحات عن الفرص الضائعة كل يوم على هذه الأمة.
فنحن في وطن عربي يمتد على اكثر من ثلاثة عشر مليون كيلومتر مربع وبكتلة سكانية تصل إلى أكثر من ثلاثمائة وخمسين مليون نسمة، وفي تنوع جغرافي فيه شمس ساطعة ومساحات صحراوية من الربع الخالي إلى مصر والسودان وحتى شمال افريقيا لو وظفت بتكامل فعال لجعلت شمس العروبة لا تغيب في فضاء البشرية كلها.
ولو سمح بحركة المرور الآمن وتدفق السلع والبشر بين أقطار هذه الأمة لوضعت منحنيات الاقتصاد العالمي بشكل مغاير من الصين حتى غرب أوروبا.
وستبقى تلك أمنيات قابلة للتحقيق حتما فمنطق الجغرافيا وواقع الحاجة سيفرض منطقه ويعدل الحال المقلوب إلى ما يجب أن تكون عليه الأمور السوية.
ورأيتني أعود غصبا عني بعد قراءات جديدة بالنسبة لي في الطاقة المتجددة وأهمية الحفاظ على المناخ، والاستفادة من أعظم شمس مشرقة لم نلتفت إليها بعد إلى دائرة لافكاك منها في السياسية وتشعباتها.
وأشفقت على باحثين شباب يشرحون عن أهمية الهيدروجين الأخضر وخطورة الكربون المنبعث ونحن أضعنا نصف قرن في نظريات الألوان السياسية، ونستعد لضياع نصف قرن آخر في الصراع المذهبي المنبعث من رماد تخلف لا يريد أن يغادر هذه الأمة.
وبقينا نطلب من الشمس الساطعة لدينا ألا تكون حامية حسب أغنية شادية الشهيرة ( قولوا لعين الشمس ما تحماشي).
وهو نداء خاطيء يا شادية فالعالم يريدها شمسا حامية تنتج ضوءا ينير طريق العشاق والفقراء.

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد