25 C
الجمهورية اليمنية
2:59 صباحًا - 28 أبريل, 2024
موقع اليمن الاتحادي
Image default
اقلام حرة

أَزمَة اليَمن اليَوم.. السياسية والإعلامية (1 – 3)

يحيى عبد الرقيب الجبيحي:

مما لا شك فيه أن العالم بات يعيش اليوم كله في أزمات عديدة ومتنوعة في الجوانب السياسية والاقتصادية والفكرية والأخلاقية، وفي التسابق نحو الهيمنة والتجاوزات والتحديات غير المسبوقة، وغيرها.

فمن هذه الأزمات ما يخص الدول الكبرى، ومدى الصراعات القائمة فيما بينها على المصالح العامة المتباينة والمتعارضة.. والتسابق المحموم في هذا الجانب وبالصورة أو الكيفية التي تتوافق مع حجم وقدرة ومكان ومكانة وأهمية كل دولة، والتي ازدادت وظهرت إلى العَلن بصورة غير مسبوقة منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية بسبب حرب روسيا ضد أوكرانيا التي بدأت قبل بضعة أشهر ولاتزال.

وهناك أزمات تخص ما يسمى بـ “دول العالم الثالث”، بما فيها الدول العربية التي بات واقعها اليوم يدعو إلى الألم والحسرة بسبب التفرقة والشتات وتفرغ بعض من حباها الله بالثروات المالية بزرع المشاكل والفتن والأحقاد والكراهية ببعض الدول العربية الأُخرى وفي مقدمتها “باليمن”.. فعلى الرغم من معاناة معظم الدول العربية من أزمات عديدة، سياسية واقتصادية وأمنية تختلف بمدى حجمها وحدتها من دولة إلى أخرى بما فيها الغنية مالاً.. ومعظمها ترجع إلى الصراع القائم بين الدول الكبرى وبسببها، إلا أن أزمة اليمن اليوم، هي من أخطر الأزمات التي مرت وتمر بها الدول العربية على الإطلاق، بما في ذلك أزمات سوريا والعراق ولبنان مع بعض التشابه بين أزماتها وأزمة اليمن بسبب التدخلات الإيرانية فيها بالدرجة الأُولى، الجامع بين هذه الدول الأربع، لكن أزمة اليمن هي الأخطر.. كونها أزمة حَرجة وقوية تتعلق بمصير وكيان وطن بكل ما ومن فيه.. وبحاضره ومستقبله، بما في ذلك مدى الشرخ الذي أصاب النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي الذي حدث بسب سيطرة ميليشيات مدعومة من إيران على العاصمة صنعاء، وتحمل أفكاراً غير معهودة في اليمن الحديث تتوافق مع أفكار الدولة الراعية لها ! حتى ولو اقتصر هذا الشرخ على بعض مدن ومحافظات دون أُخرى، فإن ضرره يعم ولا يخص.

ولذا.. لا غرابة أن تعد مشكلة وأزمة اليمن من الصعوبة بمكان.. خاصة عند الشروع بالمعالجة والحل.. ومن ذلك ما يتصل باتخاذ القرارات في الوظائف القيادية العليا للدولة المدنية والعسكرية والأمنية والتي لا يقتصر أثرها على المحافظات والمدن المحررة بقدر ما يتعداه إلى كل اليمن!! وبسبب تنافر وتباين توجهات وأهداف القيادة العليا (للشرعية).

فرئيس الدولة (الشرعية) الذي قَبِل بالمهمة أو أُجبر على قبولها يجد نفسه عند التشاور في اتخاذ قرار عام أمام مفترق طرق، فهو من ناحية مطلوب منه إرضاءَ عضو أو عضوين من أعضاء القيادة دون غيرهما وهو من ناحية لا بد أن يُراعي مصلحة الوطن العُليا أو هكذا نَظن.. خاصة مع بعض التدخلات الخارجية في إصدار القرار أو القرارات أيضاً ليجد نفسه في كلا الحالتين بين أمرين أحلاهما مُر، لذا فإن أي قرار يتخذه في ظل أزمة اليمن الحالية مع تواجد حجم التباينات في قمة هرم القيادة حيال القرار والتدخلات المستترة والمعلنة من بعض ما يسمى بدول التحالف التي باتت شبه مهيمنة على اليمن لأسباب محلية وإقليمية ودولية، يمثل عند اتخاذه نقطة تحول نحو المزيد من السوء والذي لا يقتصر على فئة دون أُخرى ولا على محافظة دون محافظة، أو يمثل إجراءً لبعض الحلول للأزمة اليمنية عند اتخاذ القرار وإن كان هذا بات نادراً اليوم!

لذا، فإن أزمة اليمن باتت بمثابة خللاً كبيراً خاصة عند البدء بمعالجتها والتي من ذلك كما أشرت إصدار بعض أهم القرارات الهامة السياسية والعسكرية والأمنية والقضائية.. وكلها تؤثر في كينونة الدولة وفي حاضر ومستقبل اليمن الاتحادي أرضاً وشعباً إيجاباً وسلباً!! بسبب أزمة اليمن اليوم – كونها أزمة عميقة تُعد من أخطر أنواع الأزمات شديدة القسوة، أزمة شاملة أصابت الدولة (الشرعية) والمجتمع معاً.

ولأن إدارة الأزمات بوجهٍ عام هي عِلم وفن بآنٍ واحد، إلا أنها عند التطبيق تُعد فناً أكثر منها علماً، ولذا فإن العمل على حلها ولو تدريجياً يتعلق بمدى استعداد وقدرات وموهبة القائد الذي يجد نفسه أمام أزمة في حجم أزمة اليمن والتي قد تميزه في معالجتها عند البدء بإصدار بعض القرارات الهامة العاجلة والضرورية التي لا بد أن تراعي مصلحة الوطن العليا عبر سُبُل الإقناع والمداراة.. ثم سرعة اتخاذ مثل تلك القرارات حتى لا يترك فرصة للتردد والمنع من البعض الذي يجده أمامه والتحلي بالشجاعة وتحمل التبعات من وراء اتخاذها مع سرعة تنفيذها على الواقع أولاً بأول.. لأن التأخير بالتنفيذ، كما هو حال اللجنة العسكرية المعنية بإعادة هيكلة الجيش والأمن مثلاً، يؤدي إلى توليد المزيد من خلق المشاكل والأعذار، وقد يصل الامر إلى صعوبة اتخاذ المزيد من القرارات الهامة بسبب تأخير تنفيذ الأولى، حتى ولو تم اتخاذ بعض القرارات المعالجة قد لا يأتي مناسباً بسبب ذلك.. وهذا هو حال الوطن اليمني ومعظم قراراته في ظل أزمته الراهنة.

ورغم ما سبق ذكره، فإن اتخاذ القرار العام والمناسب في يمن اليوم أياً كانت قدرات القائد وشجاعته ووطنيته يزداد صعوبة، ليس فقط بسبب التدخلات والتوجهات السياسية المتباينة في هرم السلطة عند مناقشة أو دراسة القرار قبل إصداره.. وإنما بسبب بعض التدخلات الإقليمية المباشرة وغير المباشرة في اتخاذ بعض أهم القرارات العامة خاصة العسكرية منها والأمنية! وهذا الجانب هو الأخطر والذي قد يتعدى التدخل إلى اختيار فريق القائد في مهامه الخاصة وليس فقط باختيار الوزراء والقيادات العسكرية والأمنية وبعض محافظي المحافظات، مما قد يُفقد القائد القدرة على اختيار من يرى التعامل معهم على مدى قدراتهم العلمية والتزاماتهم بحجم الإنجاز الذي قد يُساعده في مهامه العامة.. ليضطر في المصادقة على اختيار العكس إلا القلة، بما فيهم من يشكك في توجهاته الوحدوية والوطنية أو من قد تقتصر وظيفتهم في كيل المديح وإظهار الولاءات الشخصية من المحيطين به بالذات وإن كان قد يكون له دور مباشر بما يخص هذا الجانب؟!

– مع أن وضع اليمن من قبل الشرعية الدولية تحت البند السابع من ميثاق الأُمم المتحدة بسبب الانقلاب الحوثي الغاشم.. والإيعاز لبعض دول التحالف (الأربع) بمعالجة أزمة اليمن ومساعدة (شرعيته) وشعبه.. بحكم الجوار والصلة بما يخص دولتي (السعودية والإمارات).. والقدرة والهيمنة بما يخص (بريطانياً وأمريكيا).. انطلاقاً من جوهر مفهوم ذلك البند، فإن ذلك لا يعني المساس بوحدة وأمن واستقرار اليمن.. أو المساس ببعض جزره ومياهه والتصرف بثرواته.. وإنشاء ميليشيات وكيانات باتت تشغل الشرعية التي يدعون الوقوف بجانبها.. عن أداء مهامها كما يجب!!

كما لا يعني أيضاً التدخلات المباشرة وغير المباشرة بما يخص (الشرعية) المعترف بها دولياً.. ومن ذلك إصدار قراراتها الخاصة والعامة.. وليصل الأمر بقيام بعض هذه الدول اللعب ببعض التناقضات الموجودة داخل الشعب اليمني والتي تتواجد بمعظم دول العالم وفي مقدمتها من تلعب بهذا الجانب!! إضافة إلى جعل اليمن بمثابة مكان لتصفية حساباتها مع بعضها البعض من جهة، وبينها وبين الدول الإقليمية من جهة لعدم القدرة واستحالة مواجهتها وجهاً لوجه، وصولاً إلى فرض قيادات عسكرية وأمنية ومدنية ودبلوماسية، بل وفرض بعض قيادات الفريق الخاص بمهام رئيس الدولة المباشرة.. فلا علاقة للبند السابع المذكور بقيام بعض دول التحالف بهذه الأعمال المنافية لأبسط القيم الأخلاقية والإنسانية وغير المتوقعة لغالبية الشعب اليمني!! والمتعارضة كلية مع أسباب وأهداف استدعائها وتواجدها، ليظل رأس الدولة (الشرعية) وهو يتعايش مع مثل هذه التصرفات المشينة والتي أنتجت أوضاعاً مؤسفة ومؤلمة وصعبة من كل جهة ودون القدرة على إيقافها لاعتبارات محلية وإقليمية ودولية بعضها شبه مفهومة لدى أمثالي، وبعضها غامضة.. يصل لدى شعبه وهو في هذا الحال الذي لا يُحسد عليه.. بين راضٍ عنه وهم القلة، وساخط منه وهم الكثرة!!
والغريب أن يتقبل أحد نواب مجلس القيادة على نفسه لأن يكون عند الدوام الرسمي عضواً، وخارج الدوام رئيساً والذي يستحيل حدوثه لولا الموافقة والرضا بل والإيعاز من إحدى دول التحالف المَعنِية بأزمة اليمن وبشرعيته!! حتى الوزير قد يظل أحياناً يتلقى توجيهات حزبه فيما يخص بعض مهامه الرسمية ودون أن يقتنع بذلك، مما يؤدي إلى التصادم مع المصلحة الوطنية العليا.. وذلك كله لغياب الوطنية لدى بعض قيادات المجلس وبعض الوزراء وعدم الصراحة والوضوح والشفافية فيما بينهم رغم وجود لائحة رسمية تنظم مهام كل عضو ووزير… الخ.

ولذا.. من الإنصاف مراعاة هذه التدخلات التي تحيط بأزمة اليمن من كل جهة ودون القدرة على الوقوف ضدها أو حتى الحد منها، ومراعاة تقييم بعض قرارات وتوجهات رئيس مجلس القيادة الرئاسي وبعض زملائه بالمجلس الاجتهادية، مع أنهم يتحملون المسؤولية كاملة أمام الله ثم الوطن أرضاً وإنساناً على أدائهم وقراراتهم – بما في ذلك التبعية شبه المطلقة دون الإفصاح عن دوافعها وأسبابها علناً والتي هي من أهم أسباب التعثر في أداء مهامهم كما يجب، واستمرار الفشل والتشرذم الذي بات هو المُشَاهد للخاص والعام.. وهو ما يعني عدم إلقاء اللوم بما بات يحدث في الوطن على بعض دول التحالف فقط.. وتجاهل (الشرعية) لعيوبها وأخطائها والتي تُستغل جيداً من بعض دول التحالف نفسها.. خاصة استمرار صمتها وعدم الإفصاح للشعب عن بعض التجاوزات المستترة والمعلنة المستمرة لبعض دول التحالف هذه أو ذكر أسبابها.. وهو ما يؤدي إلى مزيد من الأخطاء وتراكماتها من الجميع وهو الحاصل اليوم.. فيدفع بالميليشيات الحوثية استغلال ذلك كله في نبش المزيد من تشرذم الشرعية والاستمرار بالبقاء والعبث.. حتى يسهل لها القيام بتمزيق الجميع – شرعية وتحالف؟!

ورغم ما قمتُ بذكره هنا من تجاوزات وتدخلات خارجية وما يمثل ذلك من قهر وألم وإذلال للجميع.. إلا أنه لابد من مراعاة ذلك وعدم التسرع بالحكم.. خاصة عند صدور بعض القرارات القيادية وقبل معرفة الأسباب والدوافع.. كون اليمن كما أكرر بات يمر بأزمة عميقة وشاملة قيادة وحكومة وشعباً وبالصورة التي أوجزتها آنفاً.. والتي هي بمجملها تُعد أزمة سياسية بعرضها وجوهرها.. حيث نجد التسابق المحموم بنشر الأخبار والتحقيقات وكتابة المقالات ذات الصلة بالأزمة ببعض وسائل الإعلام اليمنية المختلفة وبمواقع التواصل الاجتماعي والمجافية للواقع غالباً وبصورة يعجز الوصف عن وصفها، والتي هي الأخرى تعد أَزمة ثانية يمر بها اليمن اليوم لا تقل خطراً عن أزمته السياسية إن لم تكن الأخطر أعني أزمة اليمن الإعلامية، وهذا هو موضوع الجزء الثاني من هذه المقالة أومن هذه “الدردشة”؟!. (يتبع)

* نقلا عن (المصدر أونلاين)

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد