سماح الشغدري:
مع محاولة التحليق من جديد لم تكن رحلة اللجوء إلى ألمانيا بالأمر السهل، ولم يكن ما بعد الوصول يسيراً. لاسيما عندما تغادر مجبراً بلداً تدمره الحرب. وتجتاحك مشاعر الفقد للعائلة التي تركتها في اليمن التي تعيش صراعات سياسية وعسكرية. وتهاجر وحيداً في رحلة مجهولة للبحث عن حياة جديدة على الرغم من وضعي الصحي.
سماح الشغدري أديبة وصحفية، هذا الاسم والصفة كل ما حملته معي إلى المهجر لخوض تجربة صعبة ومختلفة. بدأت مشاكلها مجهولة ومتعددة. من احتياجي للكرسي المتحرك الذي لم يكن الحصول عليه بالأمر السهل، مروراً بالبحث عن السكن الملائم.
فريق ويلكم تيم
في البداية تعرفت على فريق الوليكم تيم، مجموعة من العرب والألمان تساهم ببعض المساعدات المتعلقة بالإجراءات الإدارية. لكن مسالة الكرسي التي تعتبر بالنسبة لي أمراً مصيرياً، لم تحل حتى مع وجود هذا الفريق في بداية الأمر. وولّدت لدي قلقاً دائماً. وأثرت على الكثير من أمور حياتي لمدة أربع سنوات.
عادة ما تجد في ألمانيا الأشخاص المتعاونين الذين يقدمون الدعم للآخرين، كالسيد هارت موت الذي تعرفت عليه في الـ الولكم تيم وكان له دور بارز في الحصول على الكرسي المتحرك الجديد في 2021 والذي شعرت عند استلامه أنني قوية وأقف على أرض ثابتة.
مواجهة الواقع والظروف الصعبة
ولم يكن خيار الاستسلام للوضع الصحي وحاجز اللغة هما ما أواجهه فقط، لكن قرار اختيار الاستمرار في مواصلة التجربة ليس سهلاً. لذلك خلقت لنفسي جسوراً لكسر العزلة وحاجز الفقد الكبير الذي خسرته بالهجرة عن الوطن. وانخرطت في تحدٍ جديد في العمل التطوعي حيث أسست مع مجموعة من الألمان والعرب مجلة “نحن هنا” الصادرة باللغتين العربية والألمانية وتهتم بقضايا اللاجئين. ونتيجة لتدهور حالتي الصحية اضطررت أن أطلب من هيئة التحرير إعفائي من العمل في تدقيق المواد وإعادة تحرريها، لكنني وبالرغم من هذا واصلت نشر المواد والكتابة حتى توقف المجلة عام 2021.
ولم تمنعني العزلة التي وجدت نفسي محاطة بها، من بناء علاقات جديدة ووضع بصمتي عبر الكتابة في مجلة “أبواب” ومجلة “فن” وأيضا المشاركة في المحافل الأدبية في برلين ومنها بيت الأدب الألماني. ووجدت في هذا رسالة للتعريف بالأدب اليمني من خلال تلخيص رواية محمد عبد الولي “يموتون غرباء” كما قامت الدار بترجمة مجموعة من نصوصي الشعرية إلى اللغة الألمانية.
المواصلة رغم الصدمات
في العام 2021 أصبت بصدمة كبيرة عندما عرفت أني أعاني من متلازمة ما بعد شلل الأطفال، لكن لم يكن هناك مجال للاستلام. وبدأت البحث عن العمل واستطعت الحصول على فرصة العمل في موقع أمل هامبروغ. الذي كنت أعمل فيه بالإضافة إلى أمل برلين. ولكن بشكل متقطع حيث كنت أقوم بكتابة مقالات منذ العام 2020. وللأسف سارت الريح بما لا تشتهي السفن. فبناءً على التقارير الصحية أحلت لدائرة التقاعد، لكني رفضت القرار. ورفضت تسليم بقية التقارير لاستكمال الإجراءات، سعياً مني للاستقلالية المادية. ومن حسن الحظ تواصلت مع هارت موت في الولكام تيم وقدم لي دعماً كبيراً فيما يتعلق بالحصول على العمل وحل مشكلة إلغاء قرار التقاعد.
إنجازات وجوائز
إنجازات عديدة تحققت خلال السنوات الماضية تمثلت في سلسلة من المقالات عن قضايا المهاجرات واللاجئات. وحلقات بودكست “أنت مش لوحدك” الذي تناول حقوق ذوي الاحتجاجات الخاصة من المهاجرين واللاجئين في ألمانيا. ونشرت في أمل هامبورج، وأمل برلين، وأمل فرانكفورت وغطتها كثير من الصحف والمواقع العربية.
وتتوجت النجاحات بفوز أحد المقالات في اليوم العالمي الحريات الصحافة في مايو 2021 بالمركز الأول من مركز كوثر للدراسات والبحوث. وإنتاج فيلم خلال إقامتي بالمستشفى في 2022 حول ختان الإناث والذي فاز بالمركز الأول على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
* نقلا عن موقع أمل هامبورغ