كتب/ بشرى العامري:
بات من المألوف رؤية مشهد الأطفال وقد تحولوا لاشباح ينهش الجوع اجسادهم الصغيرة..
الجوع ذاك الفتاك الذي نحت تعاريجه الغليظة أجساد الكثير من النساء والرجال وكبار السن وأثقل كاهلهم حتى احنى ظهورهم وأظهر عجزهم وجعلهم يركعون على عتبات الخوف والصمت والخنوع بأبشع صورة مفزعة لاتكاد تغادر الأذهان..
تعكس الحرب ظلالها القاتمة على كل شيء في البلاد، ومع منهجية تدمير مؤسسات الدولة التي تنتهجها ميليشيات الحوثي المتمردة، تحولت حياة المواطنين لجحيم حقيقي، وأصبح الموت جوعا هو واقع الحال المتدهور .
حالة الجوع التي عمت معظم أرجاء البلاد ليست بسبب نقص الموارد ولكن في منهج التجويع الذي يجعل اليمن في خطر أكبر من مجرد جوع عابر يمكن مواجهته ببرامج دعم ومساعدة.
بل هي سياسة تجويع ممنهجة تتم بطرق متعمدة أولها الفساد الذي تتخذه ميليشيات الحوثي طريقاً لجعل المواطنين بحالة عوز دائمة، وأهمها منهجية تفكير الإمامة البائدة التي بقي ديدنها في نصح كل صاحب سلطة: ( جوع الشعب يتبعك).
هذا المنهج اوصل البلاد إلى مراحل حرجة من حالات الجوع خاصة بين الأطفال، وتضافرت عوامل التمرد والفساد، مع الفشل الإداري إلى نشر الفقر حتى دق ناقوس الخطر .
نداءات المنظمات الدولية والإقليمية اليوم بأن
الجوع يتربص بنصف السكان وواقع الأرقام يبدو مخيفا حول انعدام الأمن الغذائي في اليمن
هذا الوضع المفزع يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وزيادة التمويل الإنساني وقبل ذلك وقف التمرد وإعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة الشرعية.
بحسب التقارير الدولية فإن آلاف الصيادين على الساحل الغربي حرموا من سبل عيشهم نتيجة تجدد القتال في البحر الأحمر.
وبات أكثر من 18 مليون شخص وهم نصف السكان بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، ويعاني نحو 17 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي.
واصبحت معدلات سوء التغذية في الساحل الغربي أسوأ مما كانت عليه قبل توقف المعارك العسكرية الواسعة بين عامي 2015 و2021.
وبالتالي، اصبحت الحاجة ملحة إلى استجابة مستدامة متعددة القطاعات لمنع زيادة معدلات الإصابة بالأمراض والوفيات المحتملة، وخاصة بين الأطفال دون سن الخامسة.
جراء هذا التمرد الميليشياوي توقفت معظم برامج المساعدة
وتجاوز انتشار سوء التغذية الحاد 30%، خاصة بين النازحين هرباً من منهج النهب والاعتداء المنظم الذي تقوم به الميليشيات الحوثية.
هذا الوقع يفرض اليوم على جميع القوى الوطنية، سرعة إعادة مؤسسات الدولة، ليس فقط لأجل فرض هيبة القانون، ولكن من أجل البقاء أولا على قيد الحياة.