ياسر أبو بكر:
*في زمن الأزمات، يسطع نجم أهل الخير، أولئك الذين يحملون همّ غيرهم رغم مشقات الحياة، يقتسمون لقمة عيشهم مع المحتاجين، ويخففون معاناة ذويهم وأصدقائهم. لكن المؤلم أن يتحول فعل الخير إلى تهمة، وأن يجد المحسن نفسه خلف القضبان، فقط لأنه اختار أن يكون إنسانًا في زمن الجحود.
في الولايات المتحدة الامريكية يقبع رجل الخير والاحسان شاكر صالح حوتر خلف القضبان أحد أعضاء الجالية اليمنية في أمريكا وهو الرجل الذي حمل على عاتقه همّ أهله وأصدقائه، لم يدخر جهدًا في مساعدة أبناء وطنه في الداخل والخارج، يرسل ما استطاع من المال ليعينهم على مواجهة الفقر والغلاء وشظف العيش. لم يكن تاجرًا يكدّس الثروة، ولا صاحب نفوذ يسعى لمكاسب سياسية، بل مغترب بسيط، لم يمنعه ضيق ذات اليد من أن يكون عونًا لمن تركهم خلفه في وطن يعاني ويلات الحرب والتجويع.
لكن في عشية وضحها، وجد شاكر نفسه متهمًا، وزُجّ به في السجن، وبسبب الإجراءات المصرفية التي كان يرسل بها المساعدات و التي كان يخشى العشرات على انفسهم من بطش الحوثي الذي ينكل بكل من يستلم هذه المساعدات والتي لم يسلم من اجراءاتهم موظفو مكتب المبعوث الاممي ولا موظفو المنظمات الدولية والمحلية , ورغم القوانين الصارمة التي لم تراعِ ظروف المغتربين اليمنيين اضطر رجل الاعمال شاكر صالح حوتر الى تحويل المساعدات عبر أصدقائه واقاربه ومن يسافر الى اليمن، وهو ما جعل السلطات الأمنية القبض عليه بسبب مخالفته قوانين التحويل غير الرسمي دون مراعاة الوضع الاستثنائي في اليمن, وأيًا كان السبب، فإن النتيجة واحدة, أُغلقت الأبواب في وجهه، وضاقت به الدنيا، بينما من كانوا ينتظرون مساعدته وجدوا أنفسهم بلا معين.
هذه الحادثة ليست مجرد قصة فردية، بل هي انعكاس لمعاناة كثير من المغتربين الذين يُنظر إليهم أحيانًا بعين الشك، رغم أنهم شريان الحياة لكثير من الأسر في الداخل. فهل أصبح الإحسان جريمة؟ وهل يُعاقب الإنسان اليوم على إنسانيته؟ كثير من العائلات اليوم يناشدون العدالة الامريكية بالنظر الى الموضوع بعين الإنسانية مراعاة لوضع الشعب اليمني الذي يعيش أكثر من 70% منهم تحت خط الفقر.
إن العدالة الحقيقية تقتضي الإنصاف، والنظر في قضايا كهذه بعين الحكمة والانسانية، لا بعين الشك والاتهام. فالمغتربون ليسوا مجرد أرقام في لوائح الإقامة، بل هم بشر، يحملون بين جوانحهم همّ وطن وأهل، ويجب أن يُنظر إليهم بعين التقدير، لا أن يُتركوا ليواجهوا مصيرًا قاسيًا لأنهم اختاروا أن يكونوا عونًا لغيرهم.
ورغم ذلك فإن موقع المغترب يدعو كل المغتربين الى توخي الحذر من كل الإجراءات والمعاملات وضورة ان تكون منسجمة مع قوانين بلد الإقامة فأنت سند ليس فقط لأهلك واسرتك بل انت احد ركائز الاقتصاد اليمني اليوم.
* نقلا عن موقع المغترب