بلال الطيب :
أسس «المنصور» عمر بن رسول «الدولة الرسولية» عام «628هـ»، الإمامة الزيدية حينها كانت مُنكمشة بفعل الضربات المُوجعة التي تلقتها من «الأيوبيين»، كان لها إمام يدعى أحمد بن عبد الله بن حمزة، صالح الرسوليين عام قيامهم، وظل وبعض أقربائه حُكاماً باسمهم.
تولى «المظفر» يوسف الحكم بعد مقتل أبيه، أواخر العام «647هـ»، كان حينها الإمام «المهدي» أحمد بن الحسين في غاية القوة، سيطر على صنعاء، وكان لانضمام الأمير الرسولي المُتمرد أسد الدين محمد إليه، أثره البالغ في ترجيح كفته.
«الحمزات» من جهتهم تحالفوا مع «المهدي»، ثم اختلفوا، ارتموا بعدها في أحضان «الرسوليين»، وبعودتهم وعودة الأمير أسد الدين رجحت كفة «المظفر»، استعاد صنعاء، واقتحم صعدة، وحصر «المهدي» وأنصاره في «علاف».
طلب الخليفة العباسي «المُستعصم» من «المظفر» القضاء على «المهدي»، واعداً إياه بإقطاعه مصر إذا نجح في مُهمته، وبالفعل استطاع «الحمزات» وبدعم «رسولي» أن يقتلوا «المهدي»، وأرسلوا برأسه إلى تعز «656هـ».
بعد مقتل «المهدي» بثلاثة أيام، أعلن الحسن بن وهاس «الحمزي» نفسه إماماً، أسره الأمير «أسد الدين» مرتين في حروب سابقة، وأسره للمرة الثالثة «658هـ»، وفي ذات العام تمكن «المظفر» من فرض سيطرته النهائية على صنعاء، جاعلاً عليها سنجر الشعبي.
في العام «660هـ» أعلن يحيى بن محمد السراجي نفسه إماماً، هزمه «الرسوليون»، فلجأ إلى «الحيمة»، أمسك به سكانها، وسلموه للأمير «سنجر»، فكحله بعينيه حتى أعماه.
في ذات العام، أعلن من صعدة الحسن بن بدر الدين نفسه إماماً، نجح «الرسوليون» خلال عهده بدخول صعدة ثلاث مرات، إلا أنهم لم ينجحوا في القضاء عليه، وقد كانت وفاته سنة «670هـ».
أعلن حينها ابن أخيه إبراهيم بن تاج الدين نفسه إماماً، كان كثير الأنصار، ظفر به «المظفر»، واقتاده أسيراً صوب مدينة تعز، وحبسه في قلعة القاهرة، ليتوفى بعد «9» سنوات في دهاليزها.
«النبي الأعزل مهزوم دائماً»، حكمة «ميكافيلية»، استشعرها «المظفر» منذ البداية، عمل جاهداً على بناء جيش قوي، استقدم لأجل تدريبه الخبراء، فكان ذلك الجيش مصدر عظمة الدولة، وأساس هيبتها، وبفضله تمكن من توحيد اليمن للمرة الرابعة في تاريخها، وامتدت دولته من شرقي ظفار حتى المدينة المنورة.
كان «الإماميون» حينها في غاية الضعف، استدعوا المطهر بن يحيى ونصبوه إماماً، اقتحموا صعدة «686هـ»، وقتلوا غدراً «80» جندياً رسولياً، كثرت حينها الأراجيف، وكاد «اليمن الأعلى» أن يخرج من تحت سيطرة «المظفر»، وقد استطاع الأخير بسرعة خاطفة أن يخمد تلك التمردات.
طوال فترة حكمه، بادل «المظفر» يوسف إساءات «الإماميين» بالإحسان، وكان دائماً ما يمد يده للصلح، ويسعى لوحدة الصف، رغم طعنهم إياه من الخلف، وحين توفي سنة «694هـ»، قال عنه «المطهر»: «مات التُبع الأكبر، مات من كانت أقلامه تكسر سيوفنا ورماحنا».