24.7 C
الجمهورية اليمنية
10:01 صباحًا - 24 نوفمبر, 2024
موقع اليمن الاتحادي
Image default
اقلام حرة

أزمة اليمن السياسية والإعلامية (3 – 3) ماذا عن الإعلام الرسمي!

يحيى عبدالرقيب الجبيحي :

كما هو معروف أن “الحوثيين” بعد احتلالهم للعاصمة صنعاء استولوا على مختلف وسائل الإعلام الرسمية السمعية والمرئية والمقروءة، وعلى رأسها قنوات اليمن وسبأ والإيمان والقناة التعليمية ووكالة “سبأ للأنباء” ومؤسسة “الثورة” والإذاعة.. بل ومقر دائرة التوجيه المعنوي بكل ما ومن فيه – خاصة صحيفة (26 سبتمبر) الأسبوعية وموقع “سبتمبر نت” وغيرها من الوسائل الإعلامية الرسمية الأُخرى.

وصارت كل هذه الوسائل تُسخر لخدمة “السلالية” بما تمثل من فكر دخيل على اليمن وتوجهات عفا عليها الزمن.. وربما تكون الميليشيات الحوثية قد محت بعض إن لم يكن معظم ذاكرة الوطن من أرشفة وأفلام وأشرطة وغيرها خاصة من بعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م الخالدة.. وهو ما قد حدث بصحيفة (26 سبتمبر) الورقية وموقع “سبتمبر نت” حسبما علمت حيث ظللت أبحث عن مقالات لي تعود إلى الأعوام 2002 – 2005م فقيل لي إنه قد تم محوها ضمن مقالات وتحقيقات وآراء وصور أخرى تتناول حروبهم الستة ضد اليمن وماله علاقة بتجاوزات آبائهم السلالية بالذات.. أو تمجد ثورات اليمن ضدهم، وبالطبع لابد أن يكون ذلك قد تكرر بأرشفة “التليفزيون” و “الإذاعة” وغيرهما! وهذا هو المنتظر من أمثال هذه الميليشيات العفنة بعرضها وجوهرها غير القادرة أن ترى أبعد من أُنوفها وذواتها.

ما أود قوله، هو أنه كان لابد من عودة “بث” قناة اليمن “الفضائية” وإحياء مواقع بعض الصحف الرسمية ووكالة سبأ الرسمية وَغيرها ومن خارج الوطن بعد أن صَعُب الأداء من الداخل.. حيث تبُث (اليمن الفضائية) من الرياض و (عدن) من جده.. مع تواجد مكتب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) من الرياض.. والتي هي المعنية بنشر أخبار وقرارات (الشرعية).

ولذا.. لابد من أهمية مراعاة المكان المتواجد فيه إعلام (الشرعية) اليوم والحرص على عدم التعارض بين ما ترغب وتتطلع إلى نشره وقوله حكومة (الشرعية) وبين ما ترغب وتعمل لتحقيقه بعض دول التحالف حيال أزمة اليمن خاصة، وحاضره ومستقبله عامة.. والتي تتعارض مع بعض ثوابت الوطن.. فلا غرابة أن يتسم الإعلام الرسمي للشرعية.. ببعض الغموض وببعض المبالغة وبعدم القدرة على توضيح الحقائق ذات الصلة بأزمة الوطن.. بجانب غياب الحقيقة والمعلومات الصحيحة، والتي هي وراء إعطاء الفرص للتأويلات التي قد تكون مجافية للحقيقة وظهور بعض الشائعات والأباطيل حول الازمة اليمنية القائمة اليوم!.

وكون الإعلام بمختلف وسائله من أهم وسائل وأدوات إدارة الأزمات.. وأعني هنا إدارة الأزمة اليمنية حيث يقوم بدور حلقة الوصل بين القيادات السياسية والعسكرية والأمنية وبين الرأي العام اليمني.. إلا أن هذه الوظيفة الأساسية للإعلام تكاد تكون مفقودة في الإعلام اليمني الرسمي إلا بصورة ضئيلة.. ولأسباب أهمها تواجده رسمياً خارج الوطن؟!

والغريب.. رغم أنه لم يعُد يوجد في اليمن غريب حتى الشيطان.. نجد وزيراً للإعلام ونائب، وقد يكون هذا شبه مقبول ولظروف سياسية ومعنوية، لكن الأغرب هو وجود قرابة عشرين وكيل ووكيل مساعد وعشرات المستشارين ورؤساء لهيئات ومؤسسات وقطاعات إعلامية ومئات الموظفين، وبتجاوز واضح للائحة الخاصة بمهام الإعلام وكل ماله صلة فيه، حيث كان الوكلاء لا يتجاوزون الأربعة والكل داخل الوطن! بينما هذا الجيش الجرار يتواجدون جميعاً خارج الوطن، باستثناء نائب الوزير وقلة من الموظفين المتواجدين بالعاصمة عدن.. والوزير أحياناً.

حتى ولو أن هناك بعض المسببات للتواجد خارج الوطن، إلا أن هذا التواجد الكبير غير مفهوم ولا مستساغ لأمثالي! كما أن استمرار التواجد خارج الوطن قد طال أمده.. وغير مجدي! ولذا لا غرابة أن يكون من ضمن مخرجات المحور الإعلامي بمشاورات الرياض بشهر أبريل الماضي، هو ضرورة عودة وسائل الإعلام الرسمية وقيادته إلى الوطن.. وممارسة مهامه من الداخل وهو الذي وقع عليه بعض من وكلاء ومستشاري الإعلام الرسمي نفسه؟! وإن كان قرار المحور الإعلامي مجرد قرارات شبيهه بقرارات سياسية وعسكرية وأمنية أُخرى خرجت بها مشاورات الرياض ولا يزال معظمها مجرد حبر على ورق!

إن التساؤُل المشروع هنا، ماهي وظيفة عشرات الوكلاء والمستشارين وَغيرهم من المحسوبين على الإعلام الرسمي؟! وجلهم يتواجدون في الخارج؟! وعلى سبيل المثال فإن الإعلام الخارجي لإعلام الميليشيات الحوثية تتولاه مجموعة من الناشطين والناشطات وأنصار ممن يقومون بمهام إعلامية ودعائية لدى بعض الدول والهيئات والمنظمات بصورة نشطة ومن خلال أهداف وتوجهات موحدة.. مما يعطي نتائج إيجابية مؤثرة بعض التعاطف وبعض التوجهات والآراء الغربية معهم.. كل ذلك دون وجود علاقات دبلوماسية مع سلطتهم ولا الاِعتراف بهم كسلطة (ظاهرياً).

بينما إعلام (الشرعية) الخارجي.. يكاد يكون شبه غائب، رغم عشرات الوكلاء والمستشارين الإعلاميين خاصة ممن هم بالسفارات.. ووجود ملحقيات إعلامية وبعض المكاتب.. وعشرات السفراء وبعضهم في دول لا حاجة لليمن بها.. هذه الوظائف الدبلوماسية والقيادية والتي يأتي تعيين بعضها ترضية ومحاباة.. لا تقم بمهامها كما يجب.. وإن وُجدت بعض النشاطات السياسية والإعلامية فإنها هي الأُخرى تنطلق دون استراتيجية إعلامية واضحة ولا وجود خطاب إعلامي جامع وَمُوحد.. بل يغلب عليه التوجه الحزبي والشخصنة… وهلم جَرا.

وفي كل الأحوال.. وحتى لا نزيد الضرب بالميت، كون ذلك يُعد حَراماً.. فلنقبل الإعلام الرسمي على علاته وأهمية تقدير ذلك كونه يتواجد خارج الوطن غير قادر على الأداء كما يجب.. ومع ذلك وفي حدود المسموح والمتاح نطلب منه أن ينطلق من استراتيجية إعلامية وخطاب إعلامي موحد وواضح بين الوسائل الإعلامية الرسمية وبين وكلائها ومستشاريها المحسوبين عليها.. حيث نجد حجم التباين في الطرح كبيراً أحياناً مع أهمية المصداقية في الرسالة الإعلامية (الرسمية) خاصة عند دراسة ومعالجة أزمة الوطن الحالية.. بحيث تكون واضحة دون غموض، وضرورة صحة المعلومات التي تقدم للرأي العام اليمني.. رسالة قادرة على استمالة العقل والعاطفة معاً تبدد بعض الخوف والشكوك لدى المشاهد والقارئ والمستمع، لأن ذلك من شأنه أن يجعل المُتلقي للرسالة الإعلامية الرسمية يتقبل ما يشاهد ويتابع ويقرأ بسرعة وسلاسة.. وقد يغنيه ذلك في البحث عن الحقيقة بوسائل إعلامية أُخرى وهو الحاصل! فرغم وجود بعض الزملاء الإعلاميين في الإعلام الرسمي القادرين على تحقيق مثل هذه الجوانب الإيجابية وبكل سهولة.. إلا أن (الاِسترخاءَ) وانشغال البعض بمهام وجوانب إعلامية غير رسمية وَبغيرها يقف حائلاً دون تحقيق الإعلام الرسمي ولو في الحد الأدنى مما يجب تحقيقه.. ومن ذلك عدم قيامهم بدراسة اتجاهات الرأي العام اليمني تجاه أزمة الوطن القائمة.. والعمل على تغيير تلك الاِتجاهات من خلال الحرص على نشر الحقائق ووضوح الرسالة لأن عدم الحرص على ذلك أو أية إعاقة رسمية أمام نشر الأخبار الحقيقية والواضحة بقدر ما يُعد ذلك خِداعاً أو عدم مبالاة لأن ذلك سرعان ما يُكتشف ويعطي نتائج عكسية بقدر ما يدفع بالرأي العام أيضاً إلى الاعتماد على بعض القنوات والمصادر الأُخرى اليمنية غير الرسمية والأجنبية.. والتي تنطلق من توجهات وأهداف وتفسيرات غير مجدية.. كما هو حال استمرار بقاء رئيس مجلس القيادة الرئاسي وبقية الأعضاء خارج الوطن عدى واحد مثلاً.. ودون إصدار أخبار رسمية توضح أسباب عدم العودة ولو بصورة ذكية ومرنة.. وهذا على سبيل المثال لا الحصر.

ثم.. أهمية اضطلاع الإعلام الرسمي في مناقشة بعض الأسباب التي تعيق مهام (الشرعية) وبصورة ذكية ومرنة أيضاً!

بجانب أهمية إعطاء المشاهد والقارئ والمستمع حرية نقد ما يصدر عن (الشرعية) بوجه عام وإصدار بعض أهم القرارات العليا التي تُحدث ردود أفعال متباينة.. واستضافة القادرين على دراسة العوامل المؤثرة لإصدار مثل تلك القرارات وتوضيح المناخ المحيط بمكان إصدارها وصولاً إلى النتائج التي يمكن أن تترتب عليها!!.

وعلى الرغم من مدى أهمية استخدام “الإنترنت” في عالم اليوم خاصة لقيادات (الشرعية) التي لابد أن تستخدم “الإنترنت” ولو تعويضاً على الفجوة القائمة في وضع الإعلام الرسمي من جهة.. ولأن منصات التواصل الاجتماعي باتت بمثابة قوة أساسية في إيصال المعلومة وفي الحوار والإقناع من جهة أخرى.. إلا أنه لابد من مراعاة حجم نسبة غير القادرين على استخدام ومتابعة ما بات ينشر عبر شبكة “الإنترنت” إلى مجموع السكان، خاصة داخل الوطن.. وهي نسبة كبيرة.

ولذا.. لابد من الاهتمام بالصحافة الورقية.. كعودة إصدار صحيفة (الثورة) من مأرب أو من عدن وعودة صحيفة (الجمهورية) من تعز.. الخ بدلاً من الاكتفاء بمواقها بالنت.. مع أن الكلمة المطبوعة على الورق تظل باقية، أو كما قال الكاتب الصحفي الراحل/ محمد حسنين هيكل رحمه الله بالنص: ” الكلمة المطبوعة على الورق باقية، بينما الكلمة المسموعة عابرة.. والكلمة المكهربة على الكمبيوتر والنت فوارة.. وهي مثل كل فوارة.. متلاشية”.. أو كما قال..

إن حجم الوكلاء والمستشارين وغيرهم من المحسوبين على الإعلام الرسمي مطلوب منهم الاِرتقاء بوظائف ومهام الإعلام الرسمي ومن ذلك أيضاً متابعة ودراسة وتحليل بعض أهم ما بات ينشر بمختلف وسائل الإعلام الخارجية ومنصات التواصل الاجتماعي ومدى تأثير ذلك على أزمة اليمن الحالية.. وتقديم ذلك تأكيداً أو تفنيداً بكل وسائل الإعلام الرسمية.. بدلاً من الاقتصار على الظهور التليفزيوني بفضائيات عربية وأجنبية أو إذاعة ونشر آراء عن (الشرعية) من باب الدفاع عنها فقط.. وهناك من ينشر ويكتب ببعض المواقع والجروبات أو من خلال صفحات الفيسبوك والتويتر وَغيرهما.. ودون تنظيم للمعلومات ولا ربط للأحداث مع بعضها البعض أو دون تفسير كافٍ لذلك.. إلا البعض منهم وهم القلة.

ثم وهو الأهم.. أهمية قيام الإعلام الرسمي خاصة القنوات الفضائية الرسمية بتغطية مختلف جبهات القتال ضد الميليشيات الحوثية وبصورة مكثفة ومتابعات مستمرة كما هو حال بعض القنوات الخاصة وإعطاء الإعلاميين القائمين بهذا الجانب الهام أهمية استثنائية مادياً ومعنوياً.. والأولوية في مختلف الحالات.. الخ.

ثم.. أولاً وثانياً وأخيراً.. ضرورة وجود استراتيجية إعلامية واضحة وخطاب إعلامي رسمي مُوحد..

ولأن الشيء بالشيء يذكر – فها أنا بمدينة تعز أسمع إذاعة 21 سبتمبر الحوثية.. وهي تذيع أناشيدها وفجورها وخزعبلاتها.. حيث يصل البث بكل وضوح إلى مدينة تعز مع أن مقرها بالعاصمة المحتلة صنعاء – حسب علمي.

ورغم هذا.. يعجز الإعلام الرسمي عن إيجاد إذاعات قوية ليس فقط في المدن والمحافظات والمناطق المحررة.. وإنما أيضاً وهو الأهم في المدن والمحافظات والمناطق المحتلة.. على الأقل أُسوة بإعلام الحوثي وتفنيد ما فيه من تضليل.

مع أهمية إيجاد المزيد من الإذاعات خاصة في المناطق الريفية التي لا يصل إليها البث التليفزيوني ولأهميتها لدى الفلاح والمزارع والأُمي وما أكثرهم في بعض مناطق اليمن! بل لابد من القيام بالتشويش على إذاعات وفضائيات وإعلام الحوثة – خاصة الإذاعات الموجهة للمحافظات والمدن والمناطق المحررة بل وفي المحتلة، والتشويش هو عمل معروف ومعمول به خاصة أيام الأزمات والحروب في كل زمان ومكان.

ثم أما بعد..

اكتفي بما قمت بسرده هنا بكل إيجاز ممكن حول أزمة اليمن السياسية.. والتي ركزتُ في مضمونها على طرح الداءَ دون الدواء.. ثم.. الأزمة الإعلامية..

وبالطبع كل ما قلته بهذه “الدردشة” أو هي مجرد وجهة نظر واجتهاد شخصي فحسب! متطلعاً إلى معرفة الردود والتفاعل إن أمكن، أياً كان..

وحسبي مما قلته هو الحرص، فالحب والاِنتماءَ لوطننا اليمني الحبيب بعرضه وجوهره.. والله هو الشاهد.

* المقال نقلا عن “المصدر أونلاين”

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد