في أعقاب موجة الاتهامات المتبادلة وحملات التراشق الإعلامي بين حركتي حماس وفتح حول ملف المصالحة، وخروج بيان مشترك للحركتين مساء أمس الأربعاء، طالب الراعي المصري للاتفاق بضرورة تأجيل تسلم الحكومة مهامها في قطاع غزة، فيما يزداد المشهد الفلسطيني تعقيداً لتبقى السيناريوهات مفتوحة على كل الاحتمالات.
بيان مشترك واتهامات
واتهم ممثل حركة فتح في المصالحة عزام الأحمد حركة حماس بعدم الالتزام باتفاق المصالحة الذي ستتولى بموجبه السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة.
وقال الأحمد في تصريحات تلفزيونية بُثت مساء الأربعاء بالتزامن مع نشر البيان المشترك بين حماس وفتح: “المشاكل والعراقيل التي تضعها حماس في طريق المصالحة ما زالت موجودة بل وتتزايد”.
وأضاف: “حركة حماس لم تُمكن الحكومة من تسلم مسؤولياتها كافة حتى الآن في قطاع غزة ولن يتم إقصاء أي موظف سواء القدماء أو الذين عينوا بعد عام 2007 ولن نلتقي بأي موظف في الشارع”.
وتابع الأحمد: “”لا نريد الفشل حتى نواصل كل الخطوات ولم أتعرض بالمطلق في تصريحاتي السابقة إلى سلاح المقاومة ومصيره، والإجراءات التي أقرها سلفًا الرئيس عباس على غزة كانت للضغط على حماس، ولم ينفذ منها 20%، لأننا نريد أن ندرج هذه الإجراءات لتبلغ ذروتها نهاية العام الجاري”.
واعتبر القيادي في فتح أن إنهاء الانقسام “حاجة وطنية وخصوصًا في الظروف التي تمر بها القضية الفلسطينية والتي يتم فيها الحديث عن حلول إقليمية وصفقة القرن ونقل السفارة الأمريكية للقدس”.
المصالحة تترنح
بدوره أكد المحلل السياسي هاني البسوس لـ “إرم نيوز”، أن قرار تأجيل استكمال تسلم الحكومة مهامها في غزة 10 أيام “لضمان خطوات إنجاز المصالحة الوطنية”، يكشف حجم التباين والاختلاف في آلية تنفيذ اتفاق المصالحة الذي بات في وضع حرج للغاية بفعل سيل الاتهامات المتبادلة بين حركتي حماس وفتح خلال الأيام الأخيرة.
وقال البسوس: “مصر تحاول وبقوة توفير صيغة توافقية لملف التسليم في ظل حالة الفوضى والإرباك التي شهدتها الوزارات في غزة بعد قرار حكومة الحمد الله عودة الموظفين السابقين للعمل بعد غياب طال 11عاماً بفعل الانقسام الداخلي”.
وأشار إلى أن الحل يكمن في تغليب المصلحة العامة على المصالح الحزبية الخاصة وعبر تسوية جميع الملفات وفق اتفاق القاهرة والالتزام بالجداول الزمنية للتنفيذ.
الفصائل سلاح ذو حدين
من ناحيته توقع الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم حبيب، أن تنجح مصر بمعية الفصائل الفلسطينية في إيجاد صيغة تضمن تمكين الحكومة وإنهاء كافة الملفات العالقة.
وانتقد حبيب في حديث لـ”إرم نيوز”، تصريحات عزام الأحمد الأخيرة داعيًا الجميع لوقف التصريحات النارية التي من شأنها إفشال المصالحة برمتها والعودة إلى مربع الصفر.
وأشار حبيب إلى أن سيناريو فشل المصالحة خطير للغاية وسيفاقم معاناة أهالي غزة الذين يرزحون تحت الحصار الإسرائيلي والانقسام الداخلي منذ أكثر من 11 عامًا على التوالي، أما على صعيد السلطة فسيعمق الانقسام الداخلي أزمتها في ظل الحديث عن محاولات تصفية القضية الفلسطينية عبر صفقة القرن التي لم يتضح كامل تفاصيلها بعد.
غزة بين خيارين
من جهته حث الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون على ضرورة تحرك الشارع في غزة لحماية المصالحة، وقال في حديث لـ “إرم نيوز”: “هناك محاولات خارجية لإفشال المصالحة الفلسطينية وضمان بقاء الحال على ماهو عليه في غزة وعلينا أن نكون أكثر وعيًا لحماية حقوقنا”.
وأضاف: “مصر تسعى بكل قوة لإنجاح المصالحة وأنقذت الاتفاق مرات من الفشل خلال الأيام الأخيرة فغزة بجميع مكوناتها تعول على ذلك الدور الاستراتيجي وعلى يقين بأنها ستكلل بالنجاح خلال الفترة القادمة”.
القضايا المتأزمة
بدوره، أوضح علي أبو دياك، أمين عام مجلس الوزراء الفلسطيني أنه رغم الوصول إلى تحقيق المصالحة إلا أن هناك بعض الملفات التي ما تزال محل نقاش ومفاوضات مثل الملف الأمني والقضائي والموظفين الذين قامت “حماس” بتعيينهم في الدوائر الحكومية، موضحًا أن 10 سنوات من الخلاف بين الطرفين نتج عنها العديد من السلبيات والتي نحاول أن نقوم بحلها بمساعدة مصر.
وأضاف أن أهم القرارات التي اتخذتها حكومة الوفاق الفلسطينية بالتعاون مع حركة “حماس” هي تمكين وفرض سيطرة حكومة الوفاق على جميع المحافظات الفلسطينية وتنفيذ كامل مسؤولياتها في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن الرعاية المصرية وعقد الاجتماعات الدورية بين الأطراف الفلسطينية من أهم عوامل إتمام المصالحة.
وتابع أبودياك أن الدولة الفلسطينية ستظل تناضل من أجل استقلال فلسطين وتحرير الشعب من الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، مشددًا على ضرورة دعم العالم والدول العربية بالكامل ضد الممارسات الإرهابية التي تمارسها إسرائيل.
وندد أمين عام مجلس الوزراء الفلسطيني بالجرائم الإرهابية التي يمارسها الكيان الصهيوني ضد أطفال الشعب الفلسطيني وخاصة القوانين التي تصدرها إسرائيل والتي تجيز احتجاز ومحاكمة الأطفال دون 15 عامًا، لافتًا إلى أنه بالتعاون مع العديد من الدول العربية سيتم دعم الطفل الفلسطيني وإعادة تأهيله لتجاوز الجرائم التي تمارس ضده من الاحتلال.