قبل عامين بالتمام والكمال نشرت الشرق الأوسط حوارا لمعالي السفير عزالدين الاصبحي وكان ايامها لا يزال وزيرا لحقوق الإنسان
قبل موقعه الحالي كسفير لليمن في المغرب
تحدث فيه عن قضايا الساعة التي تبدو كأنها اليوم
نشر اللقاء في 7 سبتمبر 2016 ولأهمية اللقاء وما جاء فيه نعيد نشره هنا لنرى رؤية سبقت وقتها وتستحق القراءة…
*القاهرة: سوسن أبو حسين
كشف وزير حقوق الإنسان اليمني عز الدين الأصبحي عن خلافات وانقسامات بين علي عبد الله والحوثيين
واتهم الوزير اليمني في حوار خاص مع «الشرق الأوسط» جماعة الحوثي وصالح بتضليل المجتمع الدولي بالمعلومات بقولهم ان لديهم قبول بالمجتمع اليمني بينما ما يجري منهم هو خلق حالة رعب في مناطق يسيطرون عليها واعتبر الأصبحي الحل السياسي المطروح حاليا لم يعد كافيا، مشيرا إلى أن المرجعيات المتفق عليها تحتاج لإضافات تستوعب المحافظات التي قاتلت الحوثي وصالح ودفعت الثمن من دماء الشهداء والجرحى، وقال إن تعز من أخطر الملفات لأن أهلها أفسدوا المخطط الانقلابي، وان اي حل لابد ان يضع في الحسبان ملف تعز التي حملت مشروع الوطن كما تحدث عن الآفاق الجديدة للحل السياسي.. وهنا نص الحوار:
* كيف ترى تسريبات صفقة تحالف بين الحشد الشعبي الموالي لإيران في العراق وجماعة الحوثي في اليمن بما يعزز تنوع التدخل في الشأن اليمنى؟
– إذا كانت هذه الخطوة حصيلة نتائج زيارة المجموعة الحوثية للعراق فهي تؤكد أن التحالفات ليست إلا صيغا للتعاون المذهبي الضيق والانقسام الطائفي الذي يجر المنطقة كلها إلى حرب طائفية. وقد حاولت إيران طيلة السنوات الماضية ترسيخ الحروب الطائفية، ولكن من وجهة نظري الموضوع في اليمن يختلف إلى حد كبير لأن البيئة الحاضنة لعملية الانقسام المذهبي لا تخدم الحوثي وتظهره على حقيقته وتسقط الأقنعة التي استمرت خلال عام ونصف العام، وقد حاول التستر خلفها بأن لديه مشروعا وطنيا، ونذكر بأنه عندما اقتحم صنعاء واحتلها وسيطر على مؤسسات الدولة كان يرفع شعار الثورة الشعبية والرداء الوطني كما زايد حتى على القوى الوطنية التقدمية بأنه سيحمل هموم الشعب، وحاول تضليل كثير من القوى الإقليمية والدولية بأنه جاء ثائرا من أجل إصلاح الدولة، واستطاع خداع الجماهير ولكن تكشفت الحقيقة بأنه مشروع طائفي وعنصري دمر المجتمع اليمني ونسيجه الوطني.
وأعتقد أن الخطوة التي اتخذها مع الحشد الشعبي ستكون الأخيرة التي ستحاصر الحوثي، وأتصور أنه ينقلب على نفسه بهذه الزيارة.
* الحكومة اليمنية أرسلت تستفسر عن مغزى زيارة جماعة الحوثي.. هل وصلكم رد رسمي؟
– الأمور تسير في دائرة القنوات الدبلوماسية وسوف يرد على ذلك الإخوة في وزارة الخارجية اليمينية، ولكن الحكومة تحرص على وحدة الصف والرؤية العربية وعلى إخراج المنطقة من حالة الاحتراب الحالي.
* هل أبرم الجانب الحوثي صفقة خلال زيارته بغداد بشأن التحفظ على العناصر البعثية الموجودة في اليمن؟
– المطالبة بالتحفظ على عناصر بعثية في اليمن يجب أن يتم من خلال المؤسسات الرسمية وفي إطار القانون وليس مع ميليشيات ومجموعات انقلابية، وبالتالي الطرق القانونية والرسمية مفتوحة أمام حكومة العراق للمطالبة بما تريد من الحكومة اليمنية الشرعية.
* من خلال موقعك وزيرا لحقوق الإنسان.. كيف ترى اتهامات الأمم المتحدة الخاصة بقتل الأطفال؟
– هناك تقارير تأتي من مستويين – منظمات غير حكومية – والأمم المتحدة التي تمثل الدول، وفي ردود الحكومة على تقارير الأمم المتحدة قدمنا كل الأدلة التي توضح الحقائق، خصوصا أن هناك معلومات مغلوطة وخاطئة قدمها الطرف الآخر، وقد وقعت الكثير من المنظمات ضحية لهذا التضليل والخداع الحوثي وصالح. أما المنظمات غير الحكومية فهي بكل تأكيد صاحبة أجندات وتستند إلى مصادر محلية، ومعروف أن هذه الأطر المحلية تعاني من انقسام حاد وغير مهني ويفتقد الموضوعية، بمعنى أن كل من يعمل في المناطق التي يتواجد بها الحوثي وصالح في مناطق شمال الشمال يمارس ضدها الإرهاب اليومي، لا يمكن أن تصل إلى معلومات صحيحة عما يحدث، أو يعملون في الأجهزة الأمنية لجماعة الحوثي وصالح. وبالتالي تم الرد على تقرير الأمم المتحدة الأخير بشكل منهجي وهناك جدية في مسألة المعلومات التي قدمت من الحكومة، والمجتمع الدولي تفهم موقف الحكومة وما قدمته، وأعتقد أن دورة حقوق الإنسان شهر سبتمبر (أيلول) الحالي من 13 – 30 سوف تكون دورة مهمة جدا فيما يخص الملف اليمني والتوصيات والقرارات التي تصدر وأن تكون موضوعية وألا تتكرر الأخطاء السابقة.
* سيشارك الرئيس عبد ربه منصور هادي في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.. ما أبرز الملفات التي يحملها؟
– سيكون الملف اليمني حاضرا بقوة على أكثر من مستوى وهو أحد الملفات الساخنة على المستوى الدولي. وكما هو معروف هناك حدثان دوليان للأمم المتحدة في شهر سبتمبر. الأول في نيويورك وهو اجتماعات الجمعية العمومية، وهو معني بالعملية السياسية ومسار تعزيز السلام ومناقشة الأفكار التي تخص العملية السلمية في اليمن وكيفية الاستقرار والعمل على تنفيذ القرارات التي صدرت من مجلس الأمن بشأن اليمن، أما فيما يخص اجتماع مجلس حقوق الإنسان في جنيف فسوف نطرح تقريرا خاصا على حقوق الإنسان في اليمن بتاريخ 29 سبتمبر.
* هل يمكن التعرف على محتوى عرضكم في هذا الملف خلال اجتماع جنيف يوم 29 سبتمبر؟
– تقرير يعرض الانتهاكات ويوصي ميليشيات الحوثي وصالح بضرورة العدول عن كل الممارسات ضد المدنيين خصوصا مسألة الاختفاء القسري والاعتقالات العشوائية وتجنيد الأطفال وحالة القنص، وكل هذه نعتبرها كوارث حقوقية يعيشها الشعب اليمني، ومعروف أنه احتفل يوم 31 أغسطس (آب) الماضي باليوم العالمي لمواجهة ظاهرة الاختفاء القسري، اليمن احتل مرتبة متقدمة في ملفين بسبب ميليشيات الحوثي وصالح، وهما ملف الاختفاء القسري واعتقال الصحافيين والسياسيين. الملف الثاني هو تجنيد الأطفال والزج بهم في النزاع المسلح، والأخطر من ذلك انتهاك طفولتهم ابتداء من خطاب الكراهية وغسل المخ الذي يتعرضون له ثم نزعهم من أسرهم عنوة.
* هل هذا يحدث في حضرموت؟
– في كل المناطق – أطفال صعدة وعمران – ذمار – حجة، وبالأمس استقبلت منطقة ذمار عشرات السيارات المحملة بجثث الأطفال وأحدثت غضبا شعبيا عارما، لكن الأسر تتعرض لحالة إرهاب حقيقي من قبل الحوثي الذي لا يقدم أطفاله للمعركة.
* ماذا عن وضع حقوق الإنسان في صنعاء؟
– هناك من يتحدث عن مقارنة الأمان بين عدن وصنعاء، وأعتقد أن هذه المعادلة غير صحيحة لأن الأمن الحقيقي ليس في مسألة منع تفجير هنا أو هناك، لأن كثيرا من الدول التي تتمتع بالاستقرار وذات قدرة أمنية يحدث بها تفجيرات. أرى أن قياس الأمان هو إحساس الناس بحالة الرعب اليومي في صنعاء، وبذلك نحن لا نتحدث عن مدينة آمنة وإنما مدينة مذعورة ومحاصرة بحالة رعب ومن جهات غير معلومة.
* ماذا تقصد بغير المعلومة؟
– بيوت الأشباح وجماعة الميليشيات الحوثية المسلحة وجماعات منفلتة تتبع الحوثيين، ويحظى الجميع بحالة الرعب والخطف لكل من يعارض الحوثي وصالح، وعندما تأتي المساءلة أمام المنظمات الدولية يكون الرد نحن لا نعرف من الذي يرتكب الجرائم ضد الشعب اليمني، وهناك انفلات أمني ومناطق ليست تحت سيطرتنا، وحتى اليوم على سبيل المثال لا يوجد لديهم رد عن الجهة التي اختطفت وزير الدفاع اللواء محمد الصبيحي أو قامة سياسية معروفة مثل محمد قحطان القيادي في حزب الإصلاح.
* هل تعتقد أن عدن مدينة آمنة أكثر من صنعاء؟
– عدن مدينة آمنة ولكن تعاني من فوضى معينة نتيجة تدخلات علي عبد الله صالح وقاعدته المنسوبة إليه وعناصر تابعة للحوثي لإحداث تفجيرات في مناطق مختلفة، أما صنعاء فهي تقع تحت القبضة الأمنية للانقلاب بما يجعها مدينة تعيش حالة إرهاب حقيقي.
* ما آخر إحصائية للجرائم التي يرتكبها صالح والحوثي ضد الشعب اليمني؟
– الأمم المتحدة تحدثت عن 10 آلاف قتيل، ونرى أن الأرقام أعلى من ذلك، وعلى سبيل المثال مدينة مثل تعز خلال الستة أشهر الماضية قتل منها أكثر من 1300 شهيد و16 ألف جريح، وأرقام تجنيد الأطفال وصلت إلى أعلى معدلاتها لدرجة أن ثلث قوات الحوثي المقاتلة هم من الأطفال دون الـ16 عاما. وبالنسبة للاختفاء القسري وصل العدد إلى أكثر من 3 آلاف شخص ويخضع لطلب الفدية. أما أبرز الجرائم التي ارتكبتها الجماعة الانقلابية فهي جرائم ضد المدن والبنية الأساسية الخاصة بالتعليم والصحة والكهرباء والمياه وحصار مدن كاملة، كما حدث في البيضة وتعز وغيرها ونهب الموارد والأموال، وبالتالي فإن هذه الحقوق الكارثية حتى مسألة استعادتها تعتبر من أكبر الأعباء التي يصعب تحملها. أما بالنسبة للسجناء فيمكن أن تتم بقرار خلال 24 ساعة، لكن إعادة الإعمار وتضميد الجرحى والمعاقين والتأهيل النفسي لضحايا الحرب قضية في غاية التعقيد، ولك أن تتخيلي حجم الكارثة التي قام بها صالح والحوثي لمدينة تحاصر ويتم قصفها لمدة 18 شهرا، لذلك كله، سيظل ملف تعز من أخطر الملفات المؤثرة في العملية الحقوقية والسياسية.
* لماذا تعتبر مدينة تعز من أخطر الملفات على المستوى السياسي؟
– هناك واقع جديد يجب أن نتعامل معه لأن من يقاتل الحوثي وصالح ليس فقط الجيش الوطني الممثل في الشرعية والرئيس عبد ربه منصور هادي، ولكن المجتمع اليمنى الذي يقاتلهم في مأرب والبيضة وتعز والمحافظات الجنوبية كلها لهم حقوق في الحلول السياسية، وبالتالي يصبح اليمن الاتحادي وفق الواقع الجغرافي هو خريطة الحل السياسي القادم وليس في تقاسم السلطة بين الأحزاب السياسية النافذة أو الشخصيات السياسية التي تحتل صدارة المشهد السياسي لسنوات، وقد يكون هذا الحل مطروحا قبل عام 2011. واليوم العملية السياسية يجب أن تكون مقنعة لمن ضحوا بدمائهم، في ظل واقع جغرافي موجود على الأرض.
* ما آفاق الحل السياسي وكيف ترى جهود المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ؟
– دور إسماعيل ولد الشيخ لم يتجاوز الاجتهاد لإيجاد أفكار تكون بداية خريطة طريق للحل السياسي لأن المشهد السياسي في اليمن يزداد تعقيدا، لدرجة أن المرجعيات المعروفة يجب أن تتضمن أسسا جديدة تستوعب كل الأقاليم اليمنية التي قد تصل إلى ستة أقاليم، وأرى أن الحل السياسي عبر المفاوضات الطريق الأمثل، والحرب فرضت من الحوثي وصالح على الشعب اليمني.
* هل تعتقد أن صالح والحوثي مدعومان بالسلاح أكثر من الجيش اليمني ولهذا هو مستمر في الحرب؟
– ليس الأكثر من حيث التسليح وإنما لديه قناعة بعدم التخلي عن السلاح، وهذا أمر خطير ويجب أن يحترم اليمن المتنوع والمتعدد وليس الرضوخ لمجموعة استولت على السلاح في لحظة طيش وجنون.
* ما رؤيتكم للواقع القريب لحل الأزمة اليمنية؟
– هناك مستويان، إقليمي دولي وآخر داخلي، وعلى المستوى الأخير لا يمكن الوصول إلى حل سياسي دون احترام التنوع الذي تشهده الساحة اليمنية حاليا، بمعنى لم تعد القضية الجنوبية تخص الجنوبيين وحدهم، ولم تعد تعز تهم أهلها وحدهم، هناك دماء سالت من كل المدن وأي تجاهل لحقوق كل أهل اليمن سيجعل الحرب دائمة. ويجب أن يعرف الجميع أن الذي فجر الحرب بقسوة وجر الأمر إلى التدخل الإقليمي، حدث عندما قامت مجموعة الحوثي وصالح في لحظة طيش باقتحام عدن وملاحقة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، وكذلك عندما استمروا في قتال تعز ومحاصرتها، وهي ليست مدينة على الحدود السعودية حتى يتم الاستيلاء عليها من اجل التاثير او حتى مدينة تمتلك موارد غنية تساهم في دعمهم اقتصاديا.
* لماذا احتلت تعز المركز الأول في القتل والتخريب والحصار؟
– لأنها شكلت مشروعا وطنيا ضد صالح والحوثي، وبالتالي كان لا بد من عملية قهرها.
* حتى اليوم الأمم المتحدة ترفض إدانة صالح والحوثي على ما يقترفانه من جرائم في حق الشعب اليمني.. بماذا تفسر ذلك؟
– الإدانة الدولية لصالح والحوثي موجودة ونحن لا نريد قرارات جديدة وإنما تنفيذ ما صدر بحقهم بأنهم مطلوبون للعدالة الدولية والقرارات واضحة في هذا الشأن، ونرى أن هناك عجزا دوليا في تنفيذ القرارات الدولية التي تتعلق بالأزمات العربية، والمجموعة الانقلابية لا تستطيع مغادرة اليمن وهم مطلوبون دوليا، ومعروف أن صالح يعيش تحت الأرض في الأنفاق، والحوثي في كهوف الجبال، ومسألة التضليل بأن لديهم علاقات دولية أمر غير صحيح، هم لديهم قدرة على قتل الأبرياء مثل أي رئيس عصابة موجود في الجبال، لكن لا يستطيع أن يحتل الدولة أو حتى مغادرتها.
* إذن بماذا تفسر ما أعلن عن زيارة العراق ولبنان وإيران لإقناعهم بالمجلس السياسي الخاص بالحوثي وصالح؟
– لا بد من توضيح الحقائق بأن استقبالهم في العراق كان تحت ستار المنظمات الطائفية المتعاطفة ببعدها المذهبي.
* هل أخذ على وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري استقبالهم.. وما مغزى ذلك؟ أم الأمر يتعلق بمحاولة إقناعهم بترك هذا المجلس وليس للاعتراف به؟
– الموقف الإيجابي أن ما نشر حول هذا اللقاء بشكل رسمي من وزارة الخارجية العراقية بأنها لم تلتق بهم بصفتهم وفدا رسميا للحوثي وصالح، ولم يذكر أحد من الوفد أنهم مع الخطوات الأحادية التي اتخذها الحوثي وصالح، وذكر الموقع الخاص بالخارجية العراقية رسميا أنهم مع السلام في اليمن ووقف الحرب والعداءات المجملة، وكتب الخبر بدقة مفادها أن وزير الخارجية استقبل يحيى الحوثي عضو البرلمان اليمني وأعضاء ممثلين للأحزاب السياسية، ولكن جماعة الحوثي وصالح استغلوا الموقف وأعلنوا عكس الحقائق، ولن نقع في فخ إعلاناتهم المضللة وهم في وضع أسوأ مما كانوا عليه في الشهر الماضي، ونشهد حالة تصادم بين صالح والحوثي وخلافات في مجلسهم السياسي وعودة محمد الحوثي في اللجان الثورية تزاحم المجلس السياسي، وهناك تراجع ولم تتحالف معهم أي أحزاب سياسية وكله يقع تحت بند التضليل السياسي.
*الأربعاء – 5 ذو الحجة 1437 هـ – 07 سبتمبر 2016 مـ رقم العدد [13798]