ليزا البدوي :
مفهوم الشراكة قد يختلف من شخص الى أخر لكن، هناك أساسيات لا يمكن باي حال من الأحوال تجاهلها بتطبيق معنى الشراكة الحقيقية وهي، أن تشارك جميع القوى السياسية في المجتمع في رسم السياسيات العامة لمستقبل الدولة لأن هذه القوى تتشكل أساساً من شرائح من المجتمع الذي لابد أن يجد الاطار الديمقراطي الملائم والسلمي لتكريس العمل وفق هذه الشركة، أيضا لا يمكن باي شكل كان أن يتم تجاهل نصف المجتمع وأقصد المرأة فاذا كنا نتحدث عن مشاركة الكيانات السياسية في صياغة القرار السياسي و صناعة المستقبل فإنه من باب أولى وأدعى أن تكون المرأة حاضرة في هذه العملية كفاعل أساسي، قد لا يروق هذا للبعض أو قد يقول صوت أخر لماذا الآن تصر المرأة على الشراكة فالبلد تعيش في حالة حرب والأفضل تأجيل هذه المسائل و مناقشتها فيما بعد!..
الإجابة بكل بساطة لهذا الطرح أن مشاركة المرأة في الحياة السياسية وصناعة القرار ليست منحة يهبها نصف المجتمع للنصف الأخر، لا بل هو حقاً لابد أن يؤخذ ودون أي تأخر او تلكع.
إن إستمرار الصراع المسلح في اليمن وانهيار مؤسسات الدولة والانقسامات العسكرية المتشعبة في الرقعة الجغرافية لليمن ككل جنوباً وشمالاً، نتج عنه كوارث إنسانية بالغة البشاعة هذه الكوارث ارتكبت بشكل خاص في حق المرأة والطفل فحرمت الكثيرين منهم من تلحق في الحياة او السلامة الجسدية وحرمتها من توافر الأمن والغذاء والدواء علاوة على ذلك أن حتى الانتهاكات التي تطال الرجال إن كانت بالقتل او الاعتقال او السلامة الجسدية فإن مردودها السلبي يقع على كاهل المرأة.
لماذا نقول أن من حق المرأة المشاركة في صياغة القرار السياسي وفي مشاورات السلام وفي صناعة المستقبل ؟
إن من المعروف لذا العديد من المتابعين وذوي المعرفة بالمجال القانوني أن الدستور اليمني للعام 2001م وهو الدستور المعمول به حتى الا قد ذكر في الباب الثاني الذي يحمل عنوان حقوق وواجبات المواطنين الأساسية مادتان تؤكدان ما نقوله وهو الحق في المشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية، وأن هذا الحق يأتي من منطلق أن جميع المواطنين متساويين في الحقوق والوجبات، اليكم النص:
مادة (41 ) المواطنين جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة.
ما (42) لك مواطن الحق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون.
ولتعلم عزيزي/تي القارئ/ة أن هذه الحقوق لا تتعطل باي حال من الأحوال ولا يجوز التذرع بالحرب لتعطيل جانب من الحقوق، خاصة تجاه شريحة من المجتمع أو ان تتعطل على أساس النوع الاجتماعي.
أضف الى ذلك أن اليمن قد إنضمت الى عدد من الاتفاقيات وأقرت العمل بعدد من الإعلانات أهمها في هذا الصدد القرار الأممي 1325 حول المرأة والسلام والأمن في العام 2000 وعلى اثر أعلان اليمن العمل بهذا القرار أعلن مجلس الوزراء في العام 2018 خطة وطنية للعمل بهذا القرار، وهو ما يعد بادره حسنة وموقف إيجابي من مجلس الوزراء في ذلك الوقت.. إلا أن الواقع الذي نعيشه الان مغاير تماماً لهذه المواقف الرسمية ولذلك وجب التذكير بتعهدات الدولة بتنفيذ التزاماتها تجاه المجتمع الدولي وتجاه مواطنيها قبل كل شيء خاصة وأن الدستور اليمني ذاته قد أورد نصاً في المادة رقم (6) جاء فيها:
تؤكد الدولة العمل بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق جامعة الدول العربية وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة.
إن مورثنا الثقافي والديني يعزز هذا الطرح وهذه الطلبات ولنا في رسول الله صلى عليه وسلم قدوة حسنة إذ قال عليه الصلاة والسلام: النساء شقائق الرجال.
كما أننا أهل حضارة عرف العالم فيها اليمن عندما كانت تحكمها امرأة وكانت البلاد في ازهر عصورها.
ولا يفوتني أن اذكر باتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة CEDAW والتي ذكرتها في مقال سابق -الاليات التعاقدية..- هذه الاتفاقية تعد أحد الاتفاقيات الدولية الأساسية لحماية حقوق الانسان والتي تلزم الدول على تقديم تقارير دورية تثبت مدى جديتها في تنفيذ التزمها بالتعهدات الواردة بحسب الاتفاقية لتطبيق المساواة بين الجنسين وقد انضمت اليمن الى هذه الاتفاقية.
أخيراً فأنني أشيد بالحراك النسوي الشجاع وبالوقفات والاحتجاجات وكل ما كتب من مقالات ومواضيع وما نشر عن حق المرأة في المشاركة السياسية والتوقف عن تجاهل أدوارها الحيوية والهامة. وإذا لم يتعظ الساسة وأصحاب المصلحة من كل ما يحدث ويصحح الاخطاء فوراً وإعطاء لكل مواطن/ة حقه في هذه المرحلة فان العواقب ستكون وخيمة على الكل.
ولله من وراء القصد