د/ عبده سعيد المغلس :
صراع الحق والباطل يعكس مفهوم الناس للحرية والعبودية في صراعهم، والمتأمل في صراع الحق والباطل يجد الحق في نهاية الصراع دوماً منصور منتصر، هو قانون الله نافذ في الوجود والخلق، مسطورة دلائله ونتائجه، في مسارات التاريخ، وفي صراع الأمم والحضارات، وكل أنواع الصراع الإنساني.
ومسار صراع الحق والباطل يمر عبر مسارات متعددة ومتعرجة، فيها الهزيمة والنصر، وفيها الكر والفر، والتراجع والتقدم، والحركة والسكون، والخذلان والتآمر، والغدر والخديعة، ويحكمها ويوجهها إيمان الإنسان وخياراته، فهي محددات وموجهات سلوكه في هذا الصراع، والتي تقوده للنصر أو الهزيمة، فإيماننا بالحق وخيارنا له، وخياراتنا بالطريق الموصلة إليه، وتقبل ابتلاءاته هي ثمن النصر، وتؤكد وتؤدي للنصر والانتصار.
وطوال هذه المسارات، تبرز اسئلة الإنسان الحائرة، المعبرة عن تذبذبه بين الشك واليقين والصمود والانكسار، والبأساء والضراء، وذروتها التي تصل أعلى مراحل الشك متى نصر الله؟ ويكون الرد الحاسم بالوعد الحق (إن نصر الله قريب).
وأصدق وأوضح وصف لمسارات صراع الحق والباطل وسلوك الإنسان في هذا الصراع، نجده في كتاب الله، في قصصه وعبره التي سجلت السلوك الإنساني في مسارات هذا الصراع، من خلال قصص الأنبياء والرسل، وسلوك ملوكهم وأقوامهم في التعامل معهم ومع رسالاتهم.
نموذج الفرعون والحوثي وقوم موسى والإماميين.
وابرز مثال على صراع الحق والباطل، هو صراع الحق الذي مثله موسى عليه الصلاة والسلام وهو نموذج للحق ودعاته في كل العصور، وصراع الباطل الذي مثله فرعون عصره وهو نموذج للباطل وفرعونه في كل عصر.
ونموذجه اليمني هو صراع الحق والشرعية ضد الباطل والمليشيات الانقلابية الإمامية، وبقراءة واسقاط نموذج رسول الله موسى وقومه، والفرعون وقومه، في صراع الحق والباطل، على طبيعة الصراع في اليمن نرى المشهد يتكرر بحذافيره، فنجد طغيان الفرعون وقوله، يتجسد نموذجه في طغيان قادة مليشيات الإنقلاب وقولهم، فقوله لا يرد وقولهم لا يرد، وتجسد السلوك الطاغوتي الفرعوني بسلوكهم، فمن ينازع الحوثي فمصيره الموت والهلاك، فلا يرى الناس غير ما يراه، ولا خيار لهم غير خياره، ولا منازع له في سلطانه، ولسان حاله ومقاله كما وصف الله الفرعون بمنهجه وقوله:
١-العلو في النسب والمكانة تحت اكذوبة أهل البيت والوصية.
٢-(استخف قومه فاطاعوه).
٣-(ما علمت لكم من إله غيري).
٤-(ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد).
٥-(سنقتل ابنائهم ونستحي نسائهم وإنا فوقهم قاهرون).
فالمنهج الفرعوني هو نفس المنهج الحوثي قائم على العلو في الأرض، وجعل الناس شيعاً وأحزاباً، واستضعاف الناس بقتل الأبناء، واستحياء النساء، والبطش والارهاب، والفساد والإفساد،
ورفض الحق والبينات، والسلام والتعايش والمواطنة الواحدة.
منهج العبودية عند قوم موسى والإماميين واحد.
كان قوم موسى يعيشون قهر العبودية وظلمها في وضع مأساوي عظيم، إذ كان فرعون وملئه (يسومونهم سوء العذاب) و(يذبحون الأبناء ويستحيون النساء) وهو البلاء العظيم، فأتاهم موسى لينقذهم مما هم فيه، ويخرجهم من رق العبودية إلى رحابة الحرية، وأيده الله بتسع آيات بينات رأوها بصائر بأعينهم، من اليد لغرق الفرعون بجنده وملئه، فلم تؤثر فيهم عذابات الفرعون ولا آيات موسى، لقد أُشرب العجل وعبوديته في قلوبهم، أصيبوا بداء العبودية، والخوف من الحرية والمسؤولية، فكان حكم الله عليهم بالهلاك تيهاً، حتى يأتي جيل يرفض العبودية، ويؤمن بالحرية ويسعى لها، وهو نفس حال الإماميين اليوم أشربت عبودية الإمامة في عقولهم فهم غير راغبين في الثورة و الحرية والجمهورية والدولة الاتحادية، فلقد أتت الثورة والجمهورية لتخرجهم من عبودية اعتكافهم على طاعة الإمام، حيث كان اعلى منصب يصله القبيلي نافخ بورزان لعكفة الإمام، بينما جعلت منه الثورة والجمهورية رئيساً للدولة وللحكومة، ووزيراً وقائداً للجيش، وعاد الإماميين ليكونوا عكفة من جديد، ومن هم في صف الشرعية نجد الإيمان بالجمهورية عند البعض منهم، هو على خوف من الحوثي والمليشيا من مصادرة الممتلكات، وهو أشبه بإيمان البعض من قوم موسى على خوف الفتنة من الفرعون وملئه كما وصف الله.
ولسان حال الشرعية يقول أذكروا نعمة الثورة والجمهورية التي نقلتكم من مقام العبودية والعكفة لمقام السادة ورؤساء الجمهورية، انتصروا لحريتكم وكرامتكم وإنسانيتكم.
فالشرعية تقدم للمواطن اليمني الحرية بينما المليشيات تقدم العبودية، الشرعية تقدم الثورة والجمهورية والمليشيات تقدم الإمامة والتمزيق، الشرعية تقدم مشروع الدولة الاتحادية والمليشيات تقدم مشروع اللا دولة والإمامة، الشرعية تقدم دولة المواطنة المتساوية والمليشيات تقدم دويلات العنصرية والمناطقية.
ستنتصر الشرعية بقيادة الرئيس هادي والحق الذي تمثله في الثورة والجمهورية، والدولة الاتحادية، وستنهزم الإمامة ومشاريع الانقلاب، وسينتهي الحوثي وجنده وملئه، كما انتهى الفرعون وجنده وملئه، وسينتهي الإماميين وعِجْلِهم كما انتهى قوم موسى بعجلهم، وعد الله وقوله وهو الحق الذي لن يهزمه باطل.