وكأن دمار الحرب وحدها لايكفي ليغرس جراح الأسى في قلب البلاد وشعبها، لتبرز بشاعة مخالب الفساد التي تنهش في جسد الضحايا من المواطنين الابرياء.
وهذه المرة ليست من أمراء حرب مارقين، بل من قبل منظمات دولية ترتدي ثوب الإنسانية وتدعي نزاهة لا تعرفها، فيما هي تخفي وجها قبيحا للانتهازية والاستغلال.
لطالما كثر حديث الأمم المتحدة ومنظماتها عن الشفافية من أجل إزدهار الشعوب، فيما تقارير صحفية تثبت العكس وتكشف عورات مخيفة من فساد يرتقي لجرائم الحرب نفسها.
فالفساد مع حالات العوز الإنساني جريمة مركبة، وعندما يتم على أيدي منظمات دولية تجمع المليارات باسم إنقاذ المواطن الذي يعاني من حرب مدمرة ثم يتم صرف الأموال في بنود لا علاقة لها بالمشاريع الانسانية والاغاثية ولا برامج الإنقاذ بل للاثراء الشخصي أو ربما أسوأ من ذلك ضمن صفقات تمويل الحرب نفسها، فتلك كارثة أكبر ليس فقط بحق الشعب اليمني الصابر بل وبحق الإنسانية أجمع.
اكثر من اثنين مليار واربعمائة مليون دولار إجمالي مبالغ صرفتها هيئات الأمم المتحدة العاملة من التعهدات المسلمة لليمن لدعم خطط الاستجابة الإنسانية باليمن خلال الثمانية أعوام الماضية في باب لم يتم الإبلاغ عنه كما ورد في تقارير مكتب الشئون الإنسانية باليمن الأوتشا
وهذا الباب ليس له أي صلة بمجالات عمل هيئات الأمم المتحدة باليمن إطلاقا مثل التغذية والصحة واللاجئين والتعليم وحتى نفقات اتصالات وخدمات اللوجستيك للهيئات.
حيث تظهر التقارير صرف المبالغ الضخمة دون أي مبررات أو مشاريع ملموسة.
يقول خبراء وناشطون أن هذا فساد يجب على الأمم المتحدة الكشف عنه قبل التسويق لضرورة عقد مؤتمر للمانحين لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام الحالي 2024.
ودون الكشف عن هذا الفساد فلا داعي لاستغلال الحاجة الإنسانية للبلاد لاستجداء العالم التبرع ومن ثم العبث والفساد بهذه التبرعات.
ولكن من سيسمع صرخة المجتمع اليمني ؟
وهل يمكن للعقاب المجتمعي أن يوقف استمرار الجريمة، بل ويعاقب مرتكبيها، حيث وهن عظم المؤسسات الرسمية فشجع الكل على نهش قوت الفقراء.
هل تكون هناك هبة مجتمعية كفيلة بوقف جريمة مستمرة.
ذاك سؤال ونداء يحتاج من كل فاعل مجتمعي أن يقوم بدوره مهما كان،
فالصمت على قتل الناس مرتين مشاركة بجرم مشين لا مثيل له.