31.3 C
الجمهورية اليمنية
6:53 مساءً - 26 أبريل, 2024
موقع اليمن الاتحادي
اقلام حرة

سينتظر اليمنيون وسيستمرون بالبحث عن المواطنة السوية

د/ عبدالقادر الجنيد :

الآن، الساعة ٣:١٥ قبل الفجر.
أقوم كل يوم هذا الوقت أو قبله أو بعده.

وما أن تذهب غشاوة النوم، حتى تغشاني حالة أني يمني وأن بلادي اليمن تتوجع وتئن.

أتذكر أني يمني، فأنتفض.

ما الذي أستطيع أن أعمله لبلادي، اليوم.

أكون قد أنهيت يومي السابق وقد عصرت ذهني، وقدمت كل ما عندي.

قد قفزت فوق كل أخبار ومنتجات العالم، وتحسرت لأني لم أستطع الغوص في تلك المقالة عن التاريخ أو الجغرافيا أو عن هذه السيرة الذاتية لفنان أو عن وصف لوحة أو عن أداء هذه الأوركسترا بالذات لتلك المقطوعة بالذات أو عن مراجعة نقدية وزيارة جديدة لحقبة تاريخية.
إعادة تأهيل وفهم الحقب التاريخية والأحداث بمنظور وفهم جديد، كان دائما أحد مصادر شغفي وولعي واستغراقي بالتأمل.

وقد أقطع مسافات هائلة في وقت قصير، وقد أحملق في سطر وأستغرق طول اليوم وهذا السطر أمامي ولا أفارقه.

وأحلى فنان وأديب أو كاتب عندي، هو من يجعلني أنا أن أنساه تماما وأنسى ما قال وما يقول، ولكنه جعلني أغوص داخل نفسي وأتأمل.

وكان عندي دائما القدرة على أن أقول الأشياء، ببساطة وبأقل عدد من الكلمات.

يتعبني من يقول في صفحات ما يمكن تركيزه واختصاره بكلمات سهلة وفي سطر أو سطرين، وأسمي هذا:
الإقتصاد في الكلمات.

وبدون الإخلال بالمعنى.

هناك فن في التقاط ما يهم من النقاط.
وقد نحتاج لسرد ما هو غير مهم وخارج سياق الموضوع، من باب إبراز التضاد.

ولكن الكلام خارج السياق، هو فن أيضا.

ونحن نتفنن في الكلام خارج السياق، ونغوص في تفاصيل خارج السياق وبإسهاب، ولكن بدون فن.

بدلا من تبسيط الموضوع، والإقتصاد وسبك الكلمات كصائغ وكمجوهراتي، فإننا نغوص بأشياء خارج السياق ونتوه بتفاصيل كثيرة لا علاقه لها بما تصدرنا له.

هل انتفضت من النوم اليوم، وتذكرت أني يمني وضعت وتهت كما يتوه كل يوم أهلي، وخرجت عن طبعي وعن عاداتي؟

حسنا، لأعود لنفسي ولطبعي ولعادتي.

***
الأمر بسيط، يا سادة يا كرام:

١- بلادي، منذ عقود في حالة صراع
تنتفض وتتصارع مع بعضها، بحثا عن عقد اجتماعي جديد.

٢- المتطلعون إلى مواطنة سوية يبذلون كل ما عندهم بحثا عن الإنعتاق.

وتتصدى لهم قوى جاهزة ومسلحة ومعتقة تجمع بين عصبية القبيلة الشمالية وكهنوت السلالة الهاشمية وخبرة سنين من المزج بين استعمال الترهيب بقوة السلاح ودغدغة العصبيات والمناطقيات والفئويات وحتى بالعبث بمن يتصدى لهم من المطالبين بالمواطنة السوية واقتباس شعاراتهم والركوب على ظهورهم والمفاتنة بينهم، وتركهم لينهشوا بعضهم، ويعودون لامتطائهم من جديد.

٣- في العشرة السنين الماضية، كان المتطلعون إلى المواطنة السوية يصارعون تحالف القوى السائدة حتى ينهك الطرفان وتحدث حالة “احتباس”، فيتوقفا.

دورات متعاقبة من عنفوان وعنف “الصراع”، تنتهي بإنهاك وتوقف و “احتباس”.

٤- ولا شيئ يجري في اليمن، بدون تدخل خارجي.
وباختصار يسمي اليمنيون هذا:

العقدة اليَزِنِيَّة

٥- في هذه المرَّة، هناك المملكة السعودية من جهة.

والسعودية انتدبت دولة الإمارات لتنفيذ أجزاء من المهمة.

والكلام قابل لأن يطول ويتشعب عن هذا، وسنكتفي الآن بجمعهما تحت مسمى السعودية والإمارات.

السعودية والإمارات، عند البداية- وعلى الظاهر- تساندان الجهة الباحثة عن المواطنة السوية.

٦- شاء نصيب اليمن، أن تكون إيران مع معسكر العصبية القبلية والسلالية الشمالية وتساندها ضد الباحثين عن المواطنة السوية.

٧- وغرقت السعودية في مستنقع نزف مالي سواء داخل حرب اليمن أو بإغداقها على أمريكا لتخرجها من ورطتها.
وأمريكا لا تريدها إلا أن تغرق زيادة لترتمي أكثر في أحضانها وتسكب أكثر وأكثر المال في جيوبها.

٨- السعودية والإمارات، بدلا من رص صفوف أصحابها- من الباحثين عن المواطنة السوية- بعثرتهم أكثر.

في وقت غير مناسب تماما، قالت السعودية والإمارات:
هؤلاء هم حزب “الإخوان المسلمين”، وهم خطر كامن علينا.
صحيح أنهم تربيتنا وصناعة أيدينا وهم ما رأينا عليهم آباؤنا، ولكن إلى حد هنا وخلاص.

في وسط المعركة، قالوا:
إلى حد هنا وخلاص.
لا نريد إخوان مسلمين ولا حزب الإصلاح.

٩- وقامت السعودية والإمارات بصنع أدوات “شغل يد” من مجالس انتقالية وقوات نخب وأحزمة أمنية وفتتت الجنوب الذي كنا نظنه رأس الحربة والطليعة والمقدمة في الجانب الباحث عن “المواطنة السوية”

١٠- وقامت السعودية والإمارات بإسالة لعاب الإشتراكيين والناصريين، باحتمال أن هناك فرصة لأن يسدد الإخوان المسلمين وحزب الإصلاح فواتير مستحقة الدفع لأشياء حدثت في الماضي داخل اليمن أو حتى أشياء حدثت في ميدان المنشية في الإسكندرية.
وتفتت معسكر المواطنة السوية.

١١- وحزب الإصلاح معه مشاكل ذاتية
هو خائف ويدرك أنه مستهدف، وأن السكاكين تتوجه نحوه
وهو معه مشكلة بأنه كبير الحجم ولا يستطيع أن يُطمئن غيره.
ومشكلته الكبرى، هو أنه يظن أنه ليس مشكلة وإنما المشكلة هم “الآخرون”.

وأنا من عندي، لا أحب أن يُظلم حزب الإصلاح وأتمنى لو ننتفع بحجمهم في الوصول للمواطنة السوية.

ولكني لا أريد أن يصبح حزب الإصلاح تشويها للمواطنة السوية بسبب حجمه وانضباطه وبسبب استدعاء الدين والإسلام.

الشعب كله متدين ومسلم، ولا يوجد لأحد الحق بأن يدعي بأنه ممثل الدين وحامي حمى الإسلام، ثم يتكسب من عرضه شعبية ونفوذ.

ولكن هذا ليس وقته.
هذا وقت حرب.
ولطالما استفادت الشعوب من الدين وقت الحروب لقهر كل عدوان ظالم.

معارك خطأ وخارج السياق مثل الكلام الذي نشتكي منه وخارج السياق.

١٢- وزادت الطينة بلَّة

أصحابنا، في السعودية والإمارات، انتقلوا إلى المعسكر الآخر.
وكأن تخبطهم داخل معسكر المواطنة السوية ومفاتنتهم بين أحياءه لا يكفي، فإنهم قاموا بإغواء رمز العصبية القبلية الرئيس السابق صالح عفاش لينقلب على العصبية السلالية الحوثية، وينضم إليهم.

فتسببت السعودية والإمارات بقتل عفاش، ولَفَّهُ الحوثيون ببطانية حمراء ووضعوه داخل ثلاجة، ومازال هناك حتى الآن للشهر الخامس وبدون دفن.
وأولاد عفاش أسرى عندهم.

١٣- والسعودية والإمارات عندهم مشكلة في رؤية المشاهد اليمنية.
لا يرون أن الحوثي قد “لطش” العصبية القبلية الشمالية ووضعها تحت إبطه.

١٤- والعصبية القبلية الشمالية التي كنا نظنها قد برأت واستنارت بانضمامها إلى معسكر المواطنة السوية، لكنها قامت باستحضار الأرواح وإصدار صكوك الغفران وتقمصت دور بابا روما وعينت الرئيس عفاش قديسا، ثم أصدرت فتوى بأنه شهيد وعند ربه يرزق.

وهكذا تم إلقاء مزيد من السوس لينخر في عظام الشرعية التي تواجه الحوثية

١٥- الذين يرغبون في المواطنة السوية، هم عشرات الملايين في اليمن.
وهم مستعدون للتضحية والقتال ليقضوا على الحوثية .
هم يريدون الوصول إلى الإستقرار والإزدهار.
هم ينتظرون من يخلص لهم ويقودهم.
هم يحتاجون لأن تتوقف السعودية والإمارات والتحالف عن التخبط والمفاتنة بين أحياءهم.

١٦- سينتظر اليمنيون.
وسيستمرون بالبحث عن المواطنة السوية.

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد