كشفت قناة “MTV” اللبنانية أن الممثل المسرحي زياد عيتاني، المشتبه في تعامله مع المخابرات الإسرايلية عدّل من إفادته أمام محققي أمن الدولة؛ إذ نفى أنه تلقى أموالاً من عميلة الموساد «كوليت»، وإنما عمل لحسابها “مجانًا”، بعدما ابتزته بفيديوهات جنسية تمكنت من الحصول عليها منه، في بداية علاقتهما، عندما لم يكن يعلم أنها إسرائيلية.
وقال الصحفي رضوان مرتضى، الذي أدلى بذلك للقناة “نقلاً عن مصادر أمنية وقضائية، قال في صحيفة “الأخبار” اللبنانية صباح اليوم الثلاثاء إن “التحقيقات ستختتم اليوم، لتتم إحالة المتهم عيتاني إلى القضاء بتهمة التجسس، موردًا قائمة طويلة من أسماء السياسيين والإعلاميين الذين التقاهم عيتاني بطلب من كوليت، أو بتبرع منه ليثبت لها جدارته في تقصي الأخبار، وتفاصيل حياة وتحركات بعض السياسيين وتحديدًا وزير الداخلية نهاد المشنوق.
“فيسبوك” البداية
وبدأت القصة في عام 2014. في الأشهر الأولى من ذلك العام، حين انفصل زياد عيتاني عن زوجته الأولى. وفي الأشهر الأخيرة من العام نفسه، تعرّف على الفتاة التي ستصبح زوجته الثانية بعد أعوامٍ ثلاثة، وما بين أول العام وآخره، سُجِّل دخول فتاة سويدية إلى حياة عيتاني عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.
ونسجت هذه الفتاة معه “علاقة مشبوهة”، لم يكن واضحًا في تحديدها، كما جاء في ” الأخبار”، إذ أخبر عيتاني المحققين أنها أوهمته بأنها تنتسب إلى “جمعية السلام والصداقة الأوروبية” التي تهتم بالشرق الأوسط والدول العربية.
وذكر أنّ الحديث تطوّر معها إلى أمور ثقافية وسياسية وآراء في مواضيع عامة، كان بينها السلام المطلوب في الشرق الأوسط نتيجة معاناة الشعوب العربية.
وفي أوائل عام 2015، خلال إحدى المحادثات، لمّحت المرأة المذكورة إلى أنها من أصل يهودي وتقيم في السويد، سائلة إياه إن كان لديه مشكلة في ذلك، فأجابها بأنه ليس لديه مشكلة مع اليهود، فطلبت تزويدها برقم هاتفه الخاص لتبدأ التواصل معه عبر “واتس أب”، بعدها بدأت تتصل به يوميًا لتخبره عن يومياتها وأصدقائها.
سبب خضوعه لها
وتضمنت إفادة عيتاني أنه بعد أحاديث طويلة، بدأ يلاحظ أن أسئلتها تميل نحو تطبيع فكري مع الكيان الصهيوني، فعارضها وهاجمها لطرح هذه الفكرة، واعترف بأنها أخبرته بداية 2016 بأنها تعمل بصفة “عميل محرّك” لدى الاستخبارات الإسرائيلية وأن عليه العمل معهم.
صُدِم عيتاني حينها، وفقًا للاعترافات، وأقفل الخط في وجهها، فحاولت الاتصال به ولم يُجب، عندها أرسلت له رسالة تمنحه فيها من 48 إلى 72 ساعة ليحسم أمره بالعمل معهم، وإلا فستقوم بفضحه في وسائل إعلام لبنانية وعبرية.
وطلبت كوليت من عيتاني رفع تقارير عن الأهداف والأشخاص الذين ستعلمه عنهم تباعًا، وأبلغ عيتاني المحققين أن الفتاة كانت تتكلم اللغة العربية بلهجة ركيكة، وقال إنّ مجرد الفكرة أرعبته، ولا سيما أنّه لا يملك في هذه الدنيا سوى سمعته ورصيده من الشهرة، لكونه لا يحمل شهادة البكالوريا حتى.
وسأله المحققون: بماذا هددتك؟ فردّ بأنّه كانت تحتفظ بتسجيلات صوتية له. وعن مضمون هذه التسجيلات، ردّ بأنّ أحدها يخبرها فيه عن موقف 4 صحافيين من أصدقائه بشكل بدا فيه كأنما يزوّدها فيه بالمعلومات.
وأبلغهم عيتاني أنها هددته بأنها ستفضح تعامله معها، وتدّعي أنه كان عميلاً لها، وقال للمحققين إنّه كان يخبرها باستمرار عن مضمون لقاءاته بأصدقاء له، غالبيتهم إعلاميون، بهدف الإثبات لها أن في لبنان مجموعة من الأشخاص المثقفين الذين يناهضون العنف، ويحبون السلام ولا يفرقون بين الأديان.
وأخبر عيتاني المحققين أنه خاف خوفًا شديدًا من فكرة أن تُسرِّب الخبر، فرضخ لها وبدأ يتجاوب معها، وذكر أن طلبها الأول كان تزويدها بمعلومات عن التوزيع الديموغرافي في بيروت، وتحديدًا في الطريق الجديدة والبسطة ومناطق الأكثرية المسلمة والأكثرية المسيحية، ومناطق النفوذ السنّي والنفوذ الشيعي.
وكانت تسأله عن حياته الشخصية، ووضعه المادي، وعن خدمته في الجيش اللبناني (خدمته الإلزامية)، والأسلحة التي استخدمها وخبرته العسكرية. وفي آب من عام 2016، أبلغته أن مهمته الأساسية الاتصال بشخصيات سياسية مؤثرة من خلال مستشاريهم والمقربين منهم.
وطلبت إليه أن يختار أهدافه ممن “لا يحبون العنف والحروب، وأن يكونوا ليبراليين داعمين للسلام، وتشكيل لوبي سياسي وإعلامي فاعل يروّج للسلام”.
فيديوهات جنسية
وتكشف التحقيقات أن دوافع عيتاني للتعامل مع “الموساد” استوقفت المحققين، ولا سيما أنّ إفادته كانت غير مقنعة ومجتزأة، بحسب المصادر القضائية، بشأن ادعائه أنه كان خائفًا من نشر تسجيلات صوتية فحسب.
وحين سأله المحققون عن سبب عدم تبليغ الأجهزة الأمنية لمدّه بالمساعدة، ردّ بأنه اعتقد أنه ذكي وأن بإمكانه التلاعب بها.
وتقول المصادر إن “تركيز المحققين على هذه النقطة أدى إلى اعتراف زياد بأنه وقع ضحية ابتزاز بفيديوهات جنسية؛ كان التقطها لنفسه خلال محادثات مصوّرة بينه وبينها.
وبدأت تُخضعه تحت وقع التهديد بفضح صوره الحميمة، ونشر محادثاته المسجلة التي كان يزودها فيها بمعلومات عن صحفيين وسياسيين.
وذكر أنّها أبلغته أنّ اسمها كوليت فيانفي، وبدأت تطلب منه بصيغة الأمر التقرّب من السياسيين ومستشاريهم الإعلاميين وبعض الإعلاميين البارزين “من داعمي السلام في الشرق الأوسط”.
وفي محاضر التحقيق مع عيتاني، ظهر تركيز كوليت على اسمين: وزير الداخلية نهاد المشنوق ومستشاره محمد بركات، وطلبت كوليت حرفيًا من زياد توطيد العلاقة مع محمد بركات، بغية معرفة تحركات وزير الداخلية نهاد المشنوق وعلاقاته الشخصية واجتماعاته الخاصة.
كذلك طلبت منه جمع معلومات عن سياراته ومواكبه وعددها والأماكن التي يتردد عليها باستمرار، كذلك سألته عن تفاصيل اللقاء بأحمد الحريري، وكيفية الدخول والخروج والإجراءات الأمنية.
وذكر عيتاني، أنّه بدأ يتقرّب من بركات، محاولاً دعوة وزير الداخلية إلى الغداء – بناءً على طلب كوليت – كذلك أبلغ المحققين أنّها كانت تهينه لأنه لم يتمكن من لقاء المشنوق.
تضارب الإفادات
في بداية التحقيق، ذكر الموقوف أنّها كانت ترسل له مبلغًا شهريًا يراوح ما بين 500 إلى 1000 دولار لتحسين وضعه وتمكينه من القيام بما طلبت منه.
وقال إن “المبالغ التي تقاضاها منها بلغ مجموعها 10 آلاف دولار، بدءًا من الفترة الممتدة من بداية عام 2016.
ودقّق فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بسجل تحويلاته المالية، فتبين أنّه لم يتلقَّ سوى 3 حوالات من الخارج (منها اثنتان من شقيقته، والثالثة من لبناني يعيش في الخليج دفع ثمن بطاقات لإحدى مسرحيات عيتاني).
وعندما واجه محققو أمن الدولة عيتاني بهذه الواقعة، رد بأنه كان يقدم لهم دافعًا لكونه لم يُرِد أن يُفصح عن السبب الحقيقي، أي الابتزاز بفيديوهات جنسية. ثم ما لبث أن تراجع عن إفادته، ليقول إنّها لم تحوِّل له أي مبالغ عبر “ويسترن يونيون”، وإنه قبض منها نقدًا مبلغ 5 آلاف دولار عندما التقاها في تركيا قبل أسابيع. بعد ذلك، عاد وتراجع ليجزم بأنه لم يتلقّ منها أي مبلغ، وأنه استمر بالتواصل معها والاستجابة لطلباتها خضوعًا لابتزازها.
التقي صديقتها في تركيا
وجاء في التقرير أن الموضوع المالي لم يكن وحده ما عدّل عيتاني إفادته بشأنه. فقد روى للمحققين أنه لم يلتقِ كوليت في تركيا، بل حددت له منطقة لينتظر فيها سيدة ستلاقيه بسيارة، وأنها ستقترب منه وتطلب منه أن يصعد في السيارة، وستناديه باسمه.
وقال إن “ما ذكرته له كوليت جرى حرفيًا، إذ اصطحبته «زميلة كوليت» إلى مكان يجهله. وبحسب المصادر الأمنية والقضائية، فإن التحقيق معه سيتمحور مستقبلًا حول تفاصيل هذا اللقاء.
شخصيات نافذة
واعترف عيتاني بأنه تمكن من زيارة الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري في يوم جمعة في منزله في فردان، ثم كتب تقريرًا وأرسله إليها، فسألته عن تفاصيل اللقاء، وكيفية الدخول والخروج والحرس، ومواقف السيارات وآلية العمل الأمني.
كذلك أبلغها أنه اجتمع بكل من الوزير السابق أشرف ريفي ومستشاره أسعد بشارة، مكررًا الخطوة نفسها. وتقرّب -أيضًا- من المدير السابق لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني طوني أبي نجم. وأفاد خلال استجوابه بأنها طلبت منه التقرّب من الصحافيَّين وسام سعادة ومصطفى فحص.
وكان لافتًا ما قاله للمحققين، عن أنه طلب “إجازة” من التواصل مع كوليت مدة شهر، بهدف التحضير لمسرحيته، فوافقت مؤكدة أنّها تريده أن يكون شخصًا ناجحًا في المجتمع.
وطلبت منه دعوة الوزير المشنوق إلى المسرحية، وبعد عرضها هنأته على نجاحها، فأخبرها أنه تعرف إلى مريم البسام وكرمى الخياط وبولا يعقوبيان وسالم زهران ونوفل ضو ومستشار النائب سامي الجميّل، سيرج داغر، فشجعته على ذلك، طالبة منه الاستمرار بالتواصل مع محمد بركات مستشار وزير الداخلية.
كوليت متدنية الجمال
جديد آخر في اعترافات عيتاني هو أن ضابطة الاستخبارات الإسرائيلية التي أغوته لم تكن جميلة بالشكل الذي أوردته التقارير الصحفية.
وعندما قام المحققون بوضع رسم تخيلي لوجهها في التحقيقات الأمنية ظهر أنها “متدنية” الجمال، كما جاء في برنامج ” للنشر ” بقناة “MTV” اللبنانية.