34.9 C
الجمهورية اليمنية
2:20 مساءً - 12 مايو, 2024
موقع اليمن الاتحادي
اقلام حرة

ليس كثيرا علينا أن نحيا في سلام!

د/ بلقيس محمد علوان:

ذات محاضرة للبروفسور حمود العودي أستاذ علم الاجتماع في إحدی قاعات مركز الدراسات النسوية في جامعة صنعاء، قال: «من حقي أن أحيا لا أحمل هم إلتزاماتي المالية تجاه أسرتي، من حقي أن أتفرغ للبحث والكتابة والإنتاج العلمي، وأجلس علی مكتبي أرتشف فنجاناً من قهوة البن اليمني لا ينغص جلستي شيء».

طبعا من حقك أيها العالم.
ذات لقاء إذاعي أطلقت الراحلة جمالة البيضاني من علی كرسيها المتحرك، كلمات من وجع نافذة، كرصاصات أصابت هدفها بدقة، قالت فيها: «لا نريد شفقة من أحد، لا نريد صدقات، نريد حقوقاً، إحتراماً، تقديراً، تمكيناً، وبكل ما أوتيت من إحساس تساءلت: كثير علينا؟».
طبعا ليس كثيراً يا جمالة هذه حقوق، لا هبات ولا فضل.
في وجه والده وهما ينظران لبعضهما البعض، قال جملته التي صارت مجال تندر، ومضرب مثل بين معاريف العائلة: «أنا طفل ولي حقوق!».
بالتأكيد لك حقوق أيها الطفل.
في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وضع كل فريق نصب عينية الحقوق والحريات، وكثيرون منهم ومنهن ناضلوا من أجل نصوص تكفل حقوق وحريات الجميع.
هل قلت حقوقاً وحريات؟
حسناً، لا تتحدثوا عن الحقوق والحريات في أيام الحرب!
الحرب تقلب موازين الأولويات، فلا الحقوق ولا الحريات أولوية في الحرب.
إستمرار إيقاد نار الحرب هو الأولوية، الإنتفاع والإثراء من الحرب هو الأولوية، وبالتالي لتستمر الحرب حتی يوم القيامة صباحاً.
المشهد اليوم مختلف تماماً، فبعد أن عجز الدكتور الجامعي عن الحصول علی أسطوانة غاز، قرر تحويل بلكونة منزلة لمكان ينشيء فيه موقد حطب لإعداد الطعام أو الشاي، ويدعو ليلاً ونهاراً لقريبه المغترب الذي يساعده من وقت لآخر مرسلاً له حوالة مالية.
كان المعاقون يطالبون بحقوقهم ويسعون لنيلها مرفوعي الرؤوس، زادت أعداد المعاقين بفعل إصابات الحرب وضحايا الألغام، لكنهم فقدوا الحد الأدنی مما قد كانوا حصلوا عليه من امتيازات، مهما كانت لا تلبي طموحاتهم، والمفزع أكثر، أن يضطر كثير منهم إلی التسول.
الطفولة، القاعدة الكبيرة لهرمنا السكاني، تنتهك بشكل لا رحمة فيه، في المدارس لا يتلقون تعليماً، والمسألة شكلية قد لا تتعد الحصتين في اليوم، ومع ذلك، يذهب الطالب إلی مدرسته بلا إفطار وبلا مصروف جيب، وفي أحسن الأحوال يأكل خبزاً يغمسة بشاي ساخن، وتكون وجبته القادمة بعد عودته من المدرسة، هذا هو المشهد السائد، في حين انقطع كثيرون عن مدارسهم تحت ضغط الفقر حد العجز، وفي ساعات الدراسة ستجد الأطفال يتسكعون في الشوارع أو يقفون في طابور مياه أو غاز أو يلاحقون، وايتات الماء محاولين التعلق بها لقطع مسافة من مشوارهم الذي يعجزون عن دفع أجرة الباص، التي ارتفعت لمائة
ريال لا يتنازل السائق عن فلس منها، أو قد يكون سلوكهم ذلك علی سبيل الترفيه.
وضع الطفولة بائس جداً بلا تغذية مناسبة بلا تعليم بلا رعاية صحية وبلا ترفيه، لا مكان. في الحرب لحقوق الأطفال.
لا أحد يجزم أن وضعنا قبل الحرب كان مثالياً، ولكن لنقل: إنه كان حد أدنی من كل شيء، حد أدنی من الدولة والنظام والقانون والحقوق والحريات والسلام وإن كان هشاً ومؤقتاً.
أن تجد كل فئات المجتمع من أستاذ الجامعة إلی الطفل إلی المعاق إلی المرأة إلی العامل والعاطل متضررين أشد الضرر، أن يصل الوضع من التردي والسوء درجة الكارثة الإنسانية غير المسبوقة، لا يعني ذلك أكثر من أن إيقاف الحرب أصبح ضرورة حتمية، كما أن تكثيف الجهود في طريق إيقاف تداعياتها الكارثية ضرورة أخری لا تقل أهمية، فمتی يقتنع الجميع أن مصلحة الجميع في إيقاف الحرب، وأننا نستحق أن نحيا بسلام

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد