25.4 C
الجمهورية اليمنية
12:29 صباحًا - 20 أبريل, 2024
موقع اليمن الاتحادي
اقلام حرة

الآثار الإلحادية لفتنة الحوثي

د. محمد موسى العامري :

أحدثت فتنة الحوثي آثاراً كارثية في مجال زعزعة الثوابت الدينية ونشر موجات من الإلحاد من خلال جملة من الممارسات التي قامت بها :-

                أ- دينياً

1- تقديم الدين بوجهٍ طائفي بعيداً كل البعد عن جوهر الإسلام النقي الصافي القائم على الكتاب والسنة الصحيحة حيث صورت الدين عند من يجهله بأنه مجرد ولاءات عائلية للحوثي وآله وسلالته وأسدلت عليهم من القداسات والألقاب ما جعل كثيراً من الناس تنأى وتنفر عن هذا النمط الطائفي للتدين وكفى بهذا السلوك صداً عن سبيل الله وحائلاً بين معرفة الإسلام على وجهه الصحيح وبين هذا التقديم المشوه والنسخة العنصرية المنافية لجمال الإسلام وعدالته وعالميته وهدايته للبشرية .

 2- الطعن في دواوين الإسلام ومصادر التلقي فيه فالقرآن جعلته عرضةً لتحريف معانيه وتفسيره وفقاً لما تمليه عليهم جهالاتهم واعتبرت – بحسب وثيقتهم الفكرية – مرجع فهمه وبيان مراداته إليهم ضاربة بعرض الحائط دواوين التفسير وكتب معاني القرآن الكريم والسنة المبينة وعمدت إلى كتب الصحاح التي تلقتها الأمة بالقبول فنثرت حولها الشكوك عند من لا علم له من الدهماء والنشء من خلال دوراتهم ومراكزهم ومحاضنهم وأقبيتهم التي جعلوها مرتعاً لنشر الشبهات وزعزعة ثوابت الدين فأحدثت بذلك نفوراً عن دين الإسلام وأخرجت للناس عاهات مشوهة وآخرون اختاروا بسبب ذلك التجافي كلياً عن الدين حقه وباطله لتتلقفهم الشبهات والأباطيل بمختلف أنواعها .

3- في الوقت الذي طعنت فيه جماعة الحوثي في روايات الإسلام الصحيحة قامت لتبني زيغها على الروايات والحكايات المكذوبة وسائر الخرافات والأساطير التي ما أنزل بها من سلطان ومن المعلوم قطعاً أن اتباع الأقاويل الباطلة سبيل للتناقضات والاختلافات ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا .. ).

 وهذا التضليل الذي أحدثته كان له دور في الصد عن سبيل الله وفتح باب المروق والإلحاد بسبب هذا التدين المغشوش .

4- كان على البخيتي ناطقاً للحوثيين وكان يساريًا قليل البضاعة في معرفة حقيقة الإسلام فلما اختلط بهم ورأى ما هم عليه من الدجل والتضليل ساقه زيغهم إلى ظلمات الشك والاضطراب والحيرة ! ومن أجل مآرب أخرى أعلن إلحاده وإباحيته وعدم إيمانه بالله واليوم الآخر وكفر بالرسل والرسالات ليدلل بذلك على مقدار الضلالة التي تروج في أوساط الحوثيين وتناقضاتهم ولو عرف نور الإسلام ورحمته وعدالته لما كان كذلك لكنه نموذج لمن عايشهم ورأى ماهم عليه من الضلالات ولم يكن له من الهدى ما يفرق به بين مفاهيم الإسلام ومضامينه العادلة السماوية وبين زيف الحوثيين وزيغهم وجهالاتهم .

ويتوقع أن يخرج منهم آخرون من هذه العينات التي ولجت معهم في دهاليزها لمنافع دنيوية ورأت ما يمارس باسم الدين وآل البيت من الأهوال والدجل وأنواع الكهانة والشعوذة والسعيد من تركهم وفارقهم فخرج من ظلماتهم إلى نور الاسلام .

5- حاربت جماعة الحوثي جميع الدعاة والعلماء المحتسبين والجماعات الإسلامية وسائر الفئات الدينية المخالفة لهم وشردتهم وأخلت المنابر منهم في مواقع نفوذها لتخلو الساحة لتضليلهم وتركت المجال لأتباعها الجهال يتصدرون المنابر والفتيا بغير علم فأوجدت نفوراً عن الدين الحق بسبب هذا الجنوح الطائفي المصحوب بالترويع ونشر الكراهية والبغضاء حتى غدا الناس في كثير من الأماكن يتركون الجمع والجماعات ويصلون في بيوتهم ويزهدون في سماع الخطب من جراء هذه البدع والمحدثات والضلالات .

6- توجهت جماعة الحوثي- بعد انقلابها وتمردها – إلى تعطيل منابر العلم والتعليم الشرعي وتجفيف منابع التدين فأعلنت حربها على مراكز العلم ابتداءً بدماج وجميع دور العلم وتحافيظ القرآن وجامعة الإيمان وفروعها وعبثت بمناهج التعليم وتجريف الهوية اليمنية الإيمانية في عموم مرافق الدولة ومنشئاتها التعليمية وفي الآونة الأخيرة قامت باغلاق مراكز لبعض فقهاء وعلماء المدرسة الزيدية الذين اختلفوا معهم ولم يرق لهم أسلوب حكمهم وجبروتهم وحاربت كل ماله صلة من المحاضن بالتدين الصحيح خدمة لمشروعها الطائفي من جهة ولأجندات خارجية مشبوهة خدمتها وظيفياً لاجتثاث منابع التدين والفضيلة من جهة أخرى فأدى ذلك إلى خلو الساحة من المحاضن الشرعية التعليمية في مناطق نفوذهم ليفسح المجال لدعاة الإلحاد والإنحرافات العقدية والأخلاقية لبث سمومهم دون وجود من يتصدى لها من المصلحين .

7- أحدثت جماعة الحوثي هزات عنيفة في المجتمع اليمني بعرضها التدين كأنّما هو عودة إلى الماضي البئيس المظلم المتخلف الهمجي الكهنوتي العشوائي المبني على قداسة العائلة والخنوع لها وتمجيدها وإطرائها في عصر تسود فيه روح المدنية والمساواة والتزام النظام والقانون واحترام الحقوق والحريات المشروعة والتنمية والعمران والتكنلوجيا فقامت بأعمالها المشينة لتربط الناس بهذا الزيغ و التدين المتخلف المدخول المنافي لروح الإسلام وجوهره الداعي إلى كل فضيلة وعلم ونظام وعدل وحقوق فحولت مجاميع منهم إلى سدنة وكهنة وتجاوز كثير منهم الجارودية إلى الجعفرية الاثني عشرية وآخرون نفروا منهم ومن أفعالهم وكل ما له صلة بهم حتى وقعوا في ردود أفعال غير موزونة فنشأ من ذلك إساءات وتجاوزات وصل بعضها إلى الزندقة والإلحاد

               ب- سياسياً:-

1- في سبيل تحقيق مكاسب سياسية أعرضوا عن السبل السلمية لانتقال السلطة وقاموا بارتكام جرائم بشعة من سفك للدماء ونهب للممتلكات وتعد على الحرمات ونسف للبيوت ومصادرتها وأكل أموال الناس بالباطل وغير ذلك من الموبقات التي ارتكبت بحق الشعب اليمني منسوباً إلى أنّها ساسية دينية – كما صورها الحوثي – الأمر الذي أدى إلى بروز موجة مقابلة من العناد والنفور والتطاول على أحكام الدين ظناً منهم – بسبب جهلهم – أن مآل التدين يفضي إلى هذه الأعمال الإجرامية تماماً كما فعلت داعش وجماعات الغلو والتطرف.

2- جسدت جماعة الحوثي بقمعها وعنجهيتها وما تمارسه من سياسة الاستبداد والكبت للأصوت والأقلام الحرة وسجن كل صاحب كلمة أمينة من الناشطين والدعاة والحقوقيين والسياسيين وغيرهم صورة سيئة عن الحكم والسلطة واستغلال الدين لتحقيق مطامع سياسية وهو ما أفضى إلى رفض أحكام الدين جملة عند من لم يفرق بين الدين الصحيح دين الرحمة والعدالة والحقوق والدين المزيف دين الخرافة والدجل.

3- أوصدت جماعة الحوثي في الملف السياسي كل نوافذ السلام في جميع محطاتها ابتداءً بجنيف وبيل والكويت وانتهاء بعمان وأوصلت رسالة للشعب اليمني بأنها جماعة فاشية ونازية ومتعطشة لسفك الدماء وغير معنية بالسلام كل ذلك من منطلقات طائفية ودينية محرفة بناء على غلوها وتكفيرها لمخالفيها كحال أسلافها من أمثال السفاح عبدالله بن حمزة وغيره وهي وإن لم تصرح بذلك تقية ! لكنها في أدبياتها وممارساتها تقوم على تكريس وغرس مفاهيمها الغالية التي بنت عليها احلاماً من الاطماع والطموحات لتلحق بالشعب اليمني كل هذه المعاناة غير آبهة بما تفضي إليه أعمالها العدوانية من كوارث ومفاهيم مشوهة عن الدين لدى كل من لم تتح له فرصة التعرف على الاسلام كما أراده الله بجماله وصفائه ومحاسنة الأمر الذي أدى ببعض الناس إلى رسم صورة ذهنية ونمطية عن الجماعات الدينية عند قطاع واسع من الذين لا يفرقون بين الجماعات العنصرية الطائفية التي تنتهج العنف والارهاب سبيلاً لتحقيق مآربها وغيرها من الجماعات الوسطية المعتدلة ذات المناهج السليمة .

وتوجه بعضهم بسبب هذه الغطرسة المعتوهة إلى تفضيل أنماط السياسيات اللادينية العلمانية وفضلوا الإلحاد عليها.

4- قامت جماعة الحوثي داخلياً على سياسة أسلافها الترويعية من نهب أموال الناس وممتلكاتهم وتفجير منازلهم واستباحة حقوقهم واستخدام المكوس وأخذ أنواع الجبايات والضرائب والسطو، مصورة للناس أن ذلك من الدين ! وأن هذا هو السبيل الوحيد لبسط نفوذها ! بينما دين الإسلام جاء لحفظ الأموال والدماء وعصمتها وعدم التعدي عليها لكنها بذلك أبرزت صورة مشوهة عن الإسلام عند من لا يعرفه فأدى ذلك إلى نفرة فئام من الناس غير مفرقين بين دين الحق ودين الضلال.

      ج – أخلاقياً .

1- استطال الحوثيون بالبذاءات والفحش في أعراض نقلة الدين إلينا من أئمة الاسلام وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتداء من أبي بكر الصديق وعمر وعثمان وعائشة وغالبية الصحابة – رضي الله عنهم – ومن بعدهم من علماء الاسلام كل هذه الأعمال المشينة والأفعال القبيحة قد ولدت ردود أفعال مثلها في القبح وجرأت آخرين على هذا السلوك الدنيئ للنيل من صحابة آخرين مشهود لهم بالفضل والإمامة في الدين كعلي والحسن والحسين رضي الله عنهم إذ المنكر يجر إلى مثله والضلالة تولد أختها وحيث أسقطت جماعة الحوثي هيبة الصحابة ومكانتهم وجرأت السفهاء منهم ومن غيرهم على الاستطالة فيهم فإن ذلك يعني عدم قبول ما جاء عن طريقهم من المنقول وهو ما يؤول رد كثير من الحق والأحكام لفتح أبواب الزندقة والالحاد .

2- عمدت جماعة الحوثي إلى استعمال كل الوسائل المحرمة – دون مراعاة للعنصر الأخلاقي والقيمي – للوصول إلى غاياتها من الفجور القتل والكذب والغش والخداع والتزوير ونقض العهود والمواثيق والمخدرات والترويع وزراعة الألغام وتجنيد الأطفال والسحر والشعوذة وإفساد معايش الناس وسكينتهم وأذيتهم وتوظيف المنحرفين أخلاقياً وغير ذلك من المسالك الهابطة التي كان لها دور خطير في إبراز نموذج التستر بقشور التدين المغشوش وإخفاء النفاق فتولد من ذلك صورة شوهاء بلهاء يستغلها من يطعن في الدين أو يدعو إلى الإلحاد.

3- تسببت جماعة الحوثي في أنواع من المعاناة الانسانية وتاجرت بالملف الإنساني بصورة فجّة ومفضوحة وغير أخلاقية وألحقت بالشعب اليمني كوارث لم تعهد من قبل جراء حربها الظالمة وطغيانها ودفعها الناس في مناطق نفوذها إلى المهالك فيتمت الأطفال ورملت النساء وأفقرت الناس واستولت على المعونات لصالح حربها العبثية وأصبح آلاف من الناس بسبب هذه الحروب وبما زرعوه من ألغام بدون أطراف ومن ذوي الاحتياجات والإعاقات وسامت الناس سوء العذاب تجويعاً وتشريداً وحرماناً من العيش الكريم في أوطانهم ما دفع بكثير من الناس إلى الذهول والدهشة عن صدور مثل هذه الأعمال عن من يدعي انتسابه إلى الإسلام أو يمت إليه بصلة فتشتت الناس في الأرض هروباً من جحيمهم وقارنوا بينهم وبين البلدان التي هاجروا إليها من غير المسلمين فوجدوا فيها من الأمن والاستقرار وحفظ الحقوق ما جعلهم يفتنون عن دينهم بسبب قبائح الحوثة وما جنوه بأفعالهم الشنيعة إضافة إلى ما خلفته هذه المآسي على نفسيات الناس واستقرارهم وسكينتهم .

                  د – اجتماعياً :-

أدركت جماعة الحوثي منذ وقت مبكر أنها لا تستطيع تمرير مشروعها والوصول إلى غاياتها في مجتمع متماسك متوحد مالم تعمل على شرذمته وتصديع بنيانه فعمدت إلى جملة من الأعمال لتحقيق أحلامها المنشودة ومن ذلك:-

أ- زراعة الفتن والتحريش بين أبناء الشعب اليمني وإثارة والعداوات السياسية بين مختلف الأحزاب والمكونات والثأرات والنعرات بين القبائل وبقية الفئات الاجتماعية .

ب – سلطت سفهاء كل قبيلة ونصبتهم شيوخاً وعقالاً على قبائلهم واستبعدت وشردت حكمائهم وعقلائهم المخالفين لها.

ج- قامت بإفساد أخلاق وضمائر رؤوس القبائل الموالين لها وجرحرتهم إلى صفوفها ومارست عليهم ضغوطاً وترهيباً لدفع أبناء القبائل إلى محرقة حروبها العبثية لخدمة تسيدها عليهم مع خلق بؤر للصراعات القبلية لا أول لها ولا آخر .

د – روجت للصراعات المناطقية والفئوية وقامت بتشجيع حامليها ومد الجسور معهم لخلخلة كيان الدولة وملشنة المجتمعات التي لا تخضع لنفوذها ليسهل عليها في ما بعد ابتلاعها وضمها إلى نفوذهم

هـ- عمقت جماعة الحوثي من مفاهيم الطبقية والعصبيات الجاهلية وانواع العنصريات وحشّدت كثيراً من القبائل اليمنية إلى صفوفها بألوان من العبث بمافي ذلك التزوير للأنساب لخلق عصبيات فئوية وطائفية .

كل هذه الاعمال وغيرها مما لم يذكر منافٍ لتعاليم الإسلام الداعي إلى الوئام بين المسلمين والتراحم وإشاعة المحبة والسلام وإصلاح ذات البين ومحاربة التفاخر والعصبيات وأنواع الجاهلية .

ومن شأن هذا السلوك الحوثي الممنهج أن يبعد الناس عن هداية الاسلام ومبادئه الرامية إلى إقامة مجتمع عادل وآمن .

الخلاصة :-

يتضح مما سبق أن جماعة الحوثي تعد إحدى الأفرازات التي خلفتها قرون سابقة وعقود معاصرة من الجهالات والمحدثات واستطاعت – على حين غفلة من الناس – أن تتسلل إلى مواقع ليست لها محدثة بذلك آثاراً كارثية في عموم المجالات – وبخاصة الجوانب الدينية والسياسية والأخلاقية أو بتعبير آخر اعتدت وأهدرت جميع الكليات والضروريات ، الدين – النفس – العقل – المال – العرض .

وسوف تمر على شعبنا كغيرها من سابقاتها من الفرق المنحرفة ، بعد أن باتت حقيقتهم المغشوشة ظاهرة لمن لم يكن على بصره غشاوة وستزول غثائية الحوثة وماتولد منها من الإنحرافات ويبقى الحق راسخاً رسوخ الجبال { فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض} وسيعود أهل اليمن أشد دراية ومعرفة بحقيقة أعدائهم اليوم أو غداً ليجعلوا من هذه الفترة عظة وعبرة بعد أن يوحدوا صفوفهم ويوجهوا سهامهم إلى من يريد استعبادهم ومصادرة حقوقهم .

والإيمان يمان والحكمة يمانية .

( وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ )

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد