يصادف غدا الأربعاء الموافق 29 نوفمبر/تشرين ثاني، الذكرى الـ70 للقرار الأممي بتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية، وكذلك اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي أقر عام 1977.
وتأتي المناسبتيْن، في ظل أوضاع صعبة، يحياها الفلسطينيون، حيث لم تُبصر الدولة الفلسطينية النور حتى يومنا هذا، إذ يرزح ذلك الشعب إما تحت الاحتلال الإسرائيلي، أو في دول الشتات.
وفي 29 نوفمبر 1947، أصدرت الأمم المتحدة قراراً حمل رقم “181”، وعُرف آنذاك باسم قرار “التقسيم”، حيث وافقت عليه 33 دولة، وعارضته 13 دولة أخرى، فيما امتنعت نحو 10 دول عن التصويت لصالح القرار.
وينص قرار التقسيم، على إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، إلى جانب تقسيم أراضيها لثلاثة أجزاء، الأول تقام عليه دولة عربية “تبلغ مساحتها حوالي 4 آلاف و300 ميل مربع، تقع على منطقة الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوبا حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر”.
أما الجزء الثاني فنص القرار على إقامة دولة يهودية عليه، مساحتها 5 آلاف و700 ميل مربع، تقع على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي، بما في ذلك بحيرة طبريا و”إصبع الجليل”، و(صحراء) النقب.
ودعا قرار التقسيم إلى وضع الجزء الثالث الذي يضم “القدس ومدينة بيت لحم والأراضي المجاورة لهما”، تحت الوصاية الدولية.
وأعطى القرار اليهود، دولة تمثل نحو 56.5% من إجمالي مساحة فلسطين التاريخية، رغم أن أعدادهم لم تتجاوز آنذاك نسبة 33% من إجمالي سكان فلسطين.
فيما منح القرار العرب الذين بلغت نسبتهم السكانية حوالي 67%، وكانوا يمتلكون غالبية تلك الأراضي، ما نسبته 43.5% فقط من “فلسطين التاريخية”.
وقد لاقى القرار “رفضاً عربيا تاما”.
ورغم “إجحاف ذلك القرار بحق الفلسطينيين”، كما يصفه مراقبون مختصّون بالقانون الدولي، إلا أنه لم يطبق على أرض الواقع، حيث سيطرت منظمات يهودية عام 1948 على غالبية أراضي فلسطين.
ووقعت ثلاثة أرباع مساحة فلسطين تحت السيطرة الإسرائيلية، في حين حكمت الأردن الضفة الغربية، ووقع قطاع غزة تحت الإدارة المصرية.
لكن إسرائيل عادت في الخامس من يونيو/حزيران 1967، واحتلت الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة مع شبه جزيرة سيناء، ومرتفعات الجولان السورية.
وصدر قرار من مجلس الأمن الدولي، في نوفمبر/ تشرين ثاني 1967، حمل رقم 242، وطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلّتها.
ورغم مرور 50 عاماً على صدور قرار242 ، إلا أن إسرائيل ترفض تنفيذه، ولا زالت تحتلّ الضفة الغربية وتحاصر قطاع غزة، كما أنها ضمّت “القدس والجولان” لحدودها.
وعام 1993، بعد توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، خضعت بعض المناطق في الأراضي الفلسطينية لحكم ذاتي تحت سيطرة “السلطة الوطنية الفلسطينية”.
ونصت اتفاقية أوسلو على إقامة دولة فلسطينية بنهاية عام 1999، وهو ما لم ينفذ حتى الآن، حيث يرفض الائتلاف الحاكم في إسرائيل، المبدأ الذي قامت عليه عملية السلام، والذي ينص على إقامة دولتين متجاورتين.
وما تزال إسرائيل تقيم مستوطنات يهودية على أراضي الضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس، حيث تفيد إحصائيات بوجود نحو 620 ألف مستوطن.
وفي مايو/ أيار 2016، كشف تقرير صادر عن الإحصاء المركزي الفلسطيني، (حكومي)، أن إسرائيل تستولي على 85% من أراضي فلسطين التاريخية والبالغة حوالي 27 ألف كيلومتر مربع، ولم يتبقَ للفلسطينيين سوى حوالي 15% فقط من مساحة تلك الأراضي.
وفي الوقت الحالي، تسيطر إسرائيل (سيطرة أمنية ومدنية) على حوالي 60% من أراضي الضفة، وتخضع 23% منها للسيطرة المدنية الفلسطينية بينما تسيطر إسرائيل عليها أمنيا، فيما تخضع بقية أراضي الضفة (18%) لسيطرة السلطة الفلسطينية الكاملة.
وأما قطاع غزة، فإنه يتعرض للحصار العسكري الإسرائيلي، كما يعاني من تفشّي الفقر والبطالة وتردي الأوضاع المعيشية.
قانونية “قرار التقسيم”
يقول المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مقره في جنيف) إن قرار “تقسيم فلسطين” يفتقد لـ “الإلزامية القانونية”، نظراً لأن هذه القرارات تصدر عن “لجان سياسية مختصة إضافة إلى أن القرارات الصادرة عن الجمعية العامة هي توصيات غير ملزمة للدول الأعضاء”.
ويضيف محمد صيام، الباحث القانوني في المرصد، لمراسلة الأناضول “الجمعية تصدر توصيات بناء على قرار اللجنة السياسية (مختصة بقرار التقسيم)، لكن الأخيرة لم تكن آنذاك مكتملة النصاب القانوني”.
وتابع “في البداية تم طرح مشروع القرار على اللجنة السياسية في الأمم المتحدة للتصويت، لكن ورغم حصوله على أغلبية الأصوات، إلا أن هذه الأغلبية لم تصل الثلثين، وهي النسبة اللازمة لحمل الجمعية العامة على اعتماد المشروع”.
ورغم ذلك، فقد نقلت القضية إلى الجمعية العامة للبت في الموضوع (الأمر يشكّل مخالفة صريحة لقوانين الجمعية العامة، والتي تشترط حصول المشروع على ثلثي الأصوات في اللجنة السياسية الخاصة، كي يتسنّى للجمعية العامة مناقشته)، وفق صيام.
ويعتبر صيام إصدار ذلك القرار منذ البداية انحيازاً لـ”الكيان الإسرائيلي وتلبية لمصالحه”.
الدولة الفلسطينية.. بعيدة المنال
ولا يبدو أن موعد إقامة الدولة قريب، حيث انهارت المفاوضات السياسية بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في إبريل/نيسان 2014، بسبب رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، بنيامين نتنياهو وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعدم اعترافه بحدود 1967 كأساس للتفاوض.
لجأ الفلسطينيون نهاية عام 2014، إلى المجتمع الدولي، مطالبين إيّاه، بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، كما وطالبوا بانضمام فلسطين إلى المؤسسات والمعاهدات الدولية.
اليوم العالمي للتضامن
كما تحتفل الأمم المتحدة، في ذات اليوم (29 نوفمبر) بـ”اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني”، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة آنذاك، في قراريها الصادرين في 2 ديسمبر/ كانون أول 1977، و12 ديسمبر 1979.
وتم اختيار هذا اليوم نظرا لتزامنه مع قرار التقسيم، الذي نشأت بموجبه دولة يهودية فقط.
وتقول الأمم المتحدة عبر موقعها على الإنترنت “عادة ما يوفَّر اليوم الدولي للتضامن فرصة لأن يركز المجتمع الدولي اهتمامه على حقيقة أن قضية فلسطين لم تُحل بعد”.
وتضيف “الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه غير القابلة للتصرف على الوجه التي حددتها الجمعية العامة، وهي الحق في تقرير المصير دون تدخل خارجي، والحق في الاستقلال الوطني والسيادة، وحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أُبعِدوا عنها”.
وتطالب الأمم المتحدة، من الحكومات والمجتمع المدني سنويا، القيام بأنشطة شتى احتفالاً بهذا اليوم، ومنها إصدار رسائل خاصة تضامناً مع الشعب الفلسطيني، وتنظيم الاجتماعات، وتوزيع المطبوعات وغيرها من المواد الإعلامية، وعرض الأفلام.
وفي مقر الأمم المتحدة بنيويورك، تعقد “اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف”، جلسة خاصة سنويا احتفالا باليوم الدولي للتضامن.
ويكون من بين المتحدثين في الجلسة الأمين العام، ورئيس الجمعية العامة، ورئيس مجلس الأمن، وممثلو هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة، والمنظمات الحكومية الدولية، وفلسطين.
ويجري في الجلسة أيضا تلاوة رسالة من رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس السلطة الفلسطينية.