بقلم: طارق نجيب باشا
عنوان المقال : عن سؤال / لماذا لم تطبق مخرجات الحوار؟ (١)
ما إن يأتي ذكر الحوار الوطني حتى تتداعى عدد من الأسئلة على عقول اليمنيين، والسؤال الأكثر ترددا هو (لماذا لم تطبق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل حتى الآن؟)
هذا السؤال يملك جوهرية واضحة تجعله بمكانة (أبو الأسئلة) فمنه تنبثق عدد من الحقائق والدلالات التي ترد على سلسلة من الأسئلة المتتالية المترابطة والمتعلقة بالحوار الوطني.
ولرسم صورة واضحة تساعد القارئ على إيجاد إجابة مكتملة لهذا السؤال، يجب أولا معرفة التراتبية القانونية السياسية لإنشاء مؤتمر الحوار الوطني كي تتضح الأهداف الرئيسية منه.
كانت البداية مع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي أسست عبر بنود واضحة فيها لوجود الحوار كفكرة جامعة تمثل بنقاش مفتوح حول مستقبل البلاد بين مختلف الأطراف السياسية والمدنية – المجتمع المدني والشباب والمرأة – في اليمن، كما نصت المبادرة على المحاور الرئيسية التي يجب ان تتمحور النقاشات حولها، وبالمختصر فالإصلاح الدستوري ومعالجة إختلالات هيكل الدولة والنظام السياسي وحل القضية الجنوبية والنظر في مختلف القضايا الداخلية ذات البعد الوطني والمصالحة الوطنية المبنية على معايير العدالة الإنتقالية وتحديد أولويات برامج التعمير والتنمية المستدامة المستقبلية في اليمن هو اساس نقاشات الحوار الهادفة لبناء نظام ديمقراطي كامل يحترم حقوق الإنسان وحرياته العامة ويحفظ إستقرار اليمن وأمنه، ولن يكون ذلك إلى بكتابة دستور يمني جديد معبر عن كل هذه الأهداف، فسينبثق عن هذا النقاش (الحوار) وثيقة مكتوبة يتوافق عليها جميع الأطراف المشاركة فيه فتصبح أساس سياسي وقانوني يستند وينبثق عنها الدستور القادم لليمن.
وعند مراجعة المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية نجد أنها حددت أليات الحكم وإدارة الدولة خلال المرحلة الإنتقالية التي نعيشها منذ توقيع المبادرة، فوضحت من هو رئيس البلد وأليه إنتخابه وكيفية إنشاء الحكومة ومحددات عملها الرئيسية وبينت كيفية تشكيل اللجان العسكرية المساعدة على تحقيق الأمن والاستقرار ومهامها، بما يدلل على أن الحوار الوطني لم يكن سلطة تنفيذية تنافس حكومة الوفاق ولم يكن كذلك سلطة قضائية أو ذا سلطة عسكرية بل كان أقرب ما يكون لسلطة تشريعية للمرحلة الإنتقالية.
وبناء على ذلك فإن الإجابة على سؤال العمود تكمن بإستيعاب الهدف الرئيسي المنوط بالحوار، فإذا كان الهدف هو إخراج وثيقة سياسية شاملة مؤسسة لدستور جديد لليمن، يصبح السؤال الأولي هنا
– هل نجح الحوار في إيجاد هذه الوثيقة ؟
ستكون الإجابة: نعم.
فقد إنبثق عن الحوار وثيقة فيها أكثر من ألف وثمانمائة بند ومادة توجد حلولا بالمجمل لجميع الإشكاليات التي تواجه اليمن إبتداءً بأهم القضايا السياسية وإنتهاءً بأبسط التفاصيل الإدارية للدولة، هذه الوثيقة قد توافق عليها جميع الأعضاء المشاركين في الحوار الوطني والممثلين لغالبية القوى السياسية والمدنية في اليمن مما اكسبها الثقل السياسي والأساس القانوني لتصبح مرتكزا ليمننا الجديد المنشود…