25.3 C
الجمهورية اليمنية
4:01 صباحًا - 3 مايو, 2024
موقع اليمن الاتحادي
Image default
اقلام حرة

قبل الافطارـ المزارات الدينية لنا ومصانع الرقائق الإلكترونية لغيرنا!!!!!

بروفيسور ايوب الحمادي :

تطلع امامي اخبار، في محتوها أن سلطة صنعاء تريد أن تبني مزارات دينية في العاصمة صنعاء كمشروع ندخل به المستقبل، وفي الطرف الاخر من الكوكب طلع خبر ان شركة سامسونج الكورية سوف تبني اكبر مصانع للرقائق الالكترونية في عاصمتهم سيول، وبمبلغ يصل الى ٢٢٨ مليار دولار. المشروع اليمني يعكس ضعف عقولنا وحالة الاحباط لمجتمعنا، وكيف نتصور المستقبل حتى وان كان مجرد هدرة، والمشروع الكوري يعكس تفوق للعقل الكوري، ورقم يوضح توجه وقوة وقدرة المجتمع. مشروع العاصمة سيول يعالج مشاكل العصر من بطالة ويفجر طاقات المجتمع في المعرفة والانفتاح والمنافسة والانتاج، ومشروع العاصمة صنعاء يقود إلى العكس. هنا نشاهد الفرق في نمط التخطيط بين سلطات تعمل في ادارة الشأن العام وبين توجهين، الماضي وفشله عندنا، والمستقبل عند غيرنا.

اليوم نحن لانفتقر لعقول وقدرات بحيث نقول ذلك قدرنا، لكن التسلط ودفع مجتمع الى رحلة الماضي، كونه المكان الذي لاينافسنا احد عليه، فنشعر بنوع من الاهمية بداخله واننا شيء يذكر، هو ترجمة الفشل في واقعنا بفهم لغة العصر واداوته، ترجمة لتسلط الجهل على مقدرات المجتمع وبرمجته بنظام عتيق غير ملائم. لذا ليس معجزة او طلاسم أن نستنبط محطات نهاية الرحلة لابنائنا وبناتنا مستقبلا، فهن محطات تكتنف الصراع على لقمة العيش اي الفتات، ومحطات الفقر والحاجة والتواجد في الاشارات والارصفة والاسواق لاستعطاف من لديه قدرة، ومحطات الانتظار لعطف العالم علينا، ومحطات التباكي أن العالم لم يمنعنا أن ننهش بعضنا ببعض.

اليوم غيرنا يبنون مصانع ومدن وجامعات على اعلى المستويات، تمكن ابنائهم وبناتهم من السيطرة على المعرفة وادواتها والاسواق ومنتجاتها ونحن عكسهم. غيرنا يبنون مدن منظمة يطلق عليها مدن الجيل الرابع ونحن عشوائيات ومزارات وهات فوق ذلك ياهدرة. وغيرنا يبنون مؤاني ومعاهد واسواق استقطاب لانهم يتجهون الى المستقبل ونحن عكس ذلك، فطبيعي يتحسن حالهم كل يوم افضل فافضل، ونحن نسقط في القعر اكثر فاكثر ونعيش الوهم ان العالم يستهدفنا ونحن من يحرق المجتمع.

اليوم انظروا حولكم فالكل يتغير الى الافضل ولسوف تجدون بجوارنا من كان افقر منا يتطور، فاثيوبيا ذو العرقيات واللغات والديانات المختلفة تخطط لبناء اكبر مطار في افريقيا خلال السنوات القادمة ليصل الى ١٢٠ مليون راكب سنويا ونحن لم نبني فرزت باصات سع الخلق، بمعنى غيرنا امتلكوا مشروع دولة جامعة وفريق اداري واستراتيجيات، وهم ينفذون ذلك خطوة خطوة، وهذا فقط مشروع واحد بسيط لديهم. نحن شاغلين انفسنا لنخطط بناء مزارات دينية للموالد والهدرة لن تفيدنا بصناعة كرامة امام ايجاد رغيف خبز واحد لفقير وتركنا المهم والاهم، والسبب اننا اواني فارغة تحدث فقط ضجيج ولانمتلك شيء. نعمم اليوم الجهل كثقافة ونستبسل لنوأصل ذلك في الجينات اليمنية للحقب القادمة.
اليوم من كان افقر منا مثل اثيوبيا تخطط لتنتج من الكهرباء مايتجاوز حاجز ٣٠ جيجاوات اي ٣٠ ألف ميجاوات، وهذا مشروع آخر لهم، ونحن لم نمتلك حتى منظومة كهرباء لمدينة صغيرة سع البشر، ولا ننظر لذلك وانما ان حل مشاكلنا بناء مزارات دينية وهدرة، لانه لم نتعلم بعد معنى تنمية مجتمع.

اعرف ان كلامي مزعج، لكن غيرنا ليس افضل منا، لكنهم تعلموا. فاثيوبيا قبل ٢٣ سنة كانت افقر من اليمن ب ٤ مرات، اي بواقع ٧ مليار دولار دخل قومي للبلاد و ٤٠ مليون فقير ومجاعات وبلد ممزق وعرقيات مختلفة جمعها التنمية كمشروع شامل مثل المغناطيس، واليوم دخلها القومي ١١١ مليار دولار، اي افضل من اليمن ب ٥ مرات، تضاعف ١٦ مرة عن قبل ٢٣ سنة، ونحن عكسهم لم نتعلم وفوق ذلك نمثل الفهم، وهات ياهدرة. اليوم تحقق اثيوبيا نمو اقتصادي سنوي اكثر من ٥ في المائة، وهذه نسبة عالية افضل من دول افريقيا المستقرة والتي لم تتمزق من قبل. هم نظروا إلى مشاكلهم وعملوا بادوات المعرفة والعلم، مما جعل معدل الفقر ينخفض في السنوات الاخيرة ٥٠ في المائة، بينما في اليمن بسبب امراضنا المذهبية والمناطقية والسياسية ارتفع المعدل الى ارقام فلكية وصار حال البلد مهددة بمجاعة وننتظر سلات الغذاء ونستجدي غيرنا لاننا شاغلين انفسنا ليس بحل مشاكلنا، وانما بناء مزارات للموالد وكثرة الهدرة. لم يفكر غيرنا بالحلول ببناء جوامع ومزارات وكنائس، وانما تنمية حقيقية واستقرار.

ومثال اخر من الطرف الاخر للكوكب كوريا كون ذكرتها في مستهل حديثي هنا، فقد انتقلت من مستوى الفقر في الفترة ١٩٥٠ الى ١٩٦٥ الى ما نشاهده اليوم من نتائج مبهرة كمعجزة للعقل التنموي، وذكرت مثال واحد ان مصنع واحد سوف يكلف ٢٢٨ مليار دولار يعني مدينة تقنية جديدة يفوق تصورها يعكس رحلة المجتمع. هذا كله في بلد لو كانت انتهجت نفس سلوكنا بكفاءات مثلنا لظلوا فقراء مثلنا ولقرون عدة. ولو نظرنا الى تلك الفترة واقصد قبل ٥٥ سنة في كوريا فقد كان الدخل القومي لمصر واقول مصر مثلا اعلى من كوريا الجنوبية بفارق ١٠٠ الى ٢٠٠ مليون دولار بمعنى بحدود ٣ مليار و ٨٠٠ مليون دولار، واليوم الاستقرار والعلم والتنمية جعل الدخل القومي الكوري في حدود ١٨٥٠ مليار دولار، وهذا اكبر من الدخل القومي المصري بفارق ١٤٣٠ مليار دولار، واكبر من الدخل القومي اليمني ب ١٨٢٦ مليار دولار مع العلم ان كوريا اصغر وافقر من مصر واليمن من حيث الموارد الطبيعية، وخرجت من حرب دمرت بها كل شيء. وايضا حتى الدعم الخارجي الامريكي لمصر كان اكبر من الدعم لكوريا في عقود مابعد الحرب الاهلية الكورية لكن كوريا استغلت ذلك في احداث تنمية، واما نحن لا المال الوطني تركناه ينمو ولا الموارد الداخلية وسعناها، ولا الدعم الخارجي استفدنا منه في التنمية.

ومختصر الموضوع نحن نمارس العبث، واول ما نصحى سوف نجد الفجوة بيننا وبين غيرنا في المنطقة المجاورة كبيرة، لن نقدر على تقليصها بمجتمع منهك اهدر قوته ونشاطه وشبابه بصراع لا يوفر قطعة خبز، مما يحولنا بشكل طبيعي الى مجتمع عالة، وفي احسن الاحوال شقاة باليومية عند الغير في بلدنا، ومقابل سلة غذاء او اوهام لن تتحقق. لذلك اول خطوة لحل مشاكلنا وقف الحرب بشكل حقيقي، وترك ثقافة السلاح والتسلط وترك عجلة قيادة البلد وادارة الشأن العام لمن يفهم حسب برامج نقيمها ونحاسب اصحابها بدل العك، ومشاريع المزارات او غيرها، التي عفى عنها الزمن.

وتقبل الله منا ومنكم .

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد