أعربت منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان، في لاهاي، بهولندا، عن قلقها البالغ لحجم الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي ارتكبت في العاصمة صنعاء، خلال المواجهات بين مسلحي جماعة الحوثي وبين قوات صالح، بالإضافة الى الانتهاكات التي ارتكبت خلال الأيام التي أعقبت مقتل صالح من قبل الحوثيين.
وقالت في بيان أصدرته اليوم من لاهاي، ان “جماعة الحوثي المسلحة أفرطت في الانتقام من خصومها وفي مقدمة ذلك إعدام صالح، بعد قيام مسلحيها باقتحام منزله وقتله بطريقة مخالفة لقوانين الحرب”.
وأوضحت أن شهادات متواترة أكدت لها أن المسلحين الحوثيين قتلوا صالح رميا بالرصاص بعدما تمكنوا من اختراق كافة حراساته الأمنية وقتلهم، وأصبح أسيرا في قبضتهم، عند اقتحامهم لمنزله بشارع حدة، جوار مركز الكميم بصنعاء، صباح الاثنين المنصرم .
وذكرت أن مصادرها الميدانية أوضحت أن الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام عارف الزوكا، قُتل كذلك برفقة صالح رغم وقوعه في الأسر أيضا، موضحة أن “قتل صالح والزوكا بهذه الطريقة يعد إعداما وقتلا خارج القانون، لمخالفته لاتفاقية جنيف الثالثة للعام 1949 التي تحضر قتل أسرى الحرب وتمنحهم الحماية من القتل والتعذيب”.
وأشارت الى أن عملية قتل صالح والزوكا تواكبت مع قيام جماعة الحوثي بقتل العشرات من أتباع صالح ومناصريه واعتقال العشرات من قيادات حزبه، المؤتمر الشعبي العام، وقوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة الموالية له، بالاضافة الى اعتقال المئات من مناصريه في مداهمات عشوائية لمنازلهم بصنعاء منذ الإعلان عن مقتل صالح.
وتلقت منظمة (رايتس رادار) عشرات البلاغات لادعاءات انتهاكات حقوق الانسان التي ارتكبت خلال فترة العشرة الأيام الماضية منذ بدء المواجهات المسلحة بين قوات الحوثيين وصالح في صنعاء وحتى مساء أمس الأحد، وأن الغالبية العظمى من مزاعم الانتهاكات ارتكبت من قبل المسلحين الحوثيين وبالذات الحالات التي أعقبت عملية قتل صالح.
ودخلت العاصمة صنعاء في حالة رعب كبيرة جراء الغارات الجوية المكثفة من قبل قوات التحالف العربي بقيادة السعودية التي أعقبت مقتل صالح والتي استهدفت الكثير من المواقع والمنشآت الحكومية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين وفي مقدمتها القصر الجمهوري، في شارع القصر، الذي دُمّر بالكامل مع كافة المباني الملحقة به، وكذا مجمع القصر الرئاسي، في منطقة السبعين، بالإضافة إلى مقر المجمع التلفزيوني، بشارع عِمران.
الانتهاكات لحقوق الإنسان خلال الايام الماضية فاقت كل التوقعات، وفقا للبلاغات التي وصلت منظمة رايتس رادار، من حيث كثافة عدد الحالات ومن حيث خطورتها، سواء في العاصمة صنعاء أو في بقية المحافظات اليمنية، التي طالتها انتهاكات المسلحين الحوثيين من الأرض وغارات قوات التحالف العربي من الجو، والتي تشكل كلها انتهاكات واضحة للقانون الدولي الإنساني، وقد تصل بعضها الى مستوى جرائم حرب.
بلغت عدد البلاغات التي تلقتها رايتس رادار في ادعاءات انتهاكات حقوق الانسان في العاصمة صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي منذ 1 كانون أول/ديسمبر وحتى مساء أمس الأحد 10 كانون أول/ديسمبر 153 بلاغا، منها 27 بلاغا لانتهاك فردي و126 بلاغا لانتهاكات جماعية، أغلبها ارتكبت في العاصمة صنعاء.
ومن بين أبرز البلاغات التي تلقتها رايتس رادار، إدعاءات قيام مسلحي جماعة الحوثي بارتكاب “إعدامات جماعية للعشرات من قيادات وأعضاء وأنصار حزب المؤتمر الشعبي العام وقوات الحرس الجمهوري الموالية لصالح، خلال يوم واحد في محيط جامع الصالح، بمنطقة السبعين في صنعاء، يوم 4 كانون أول/ديسمبر الجاري”.
ومن ضمن البلاغات أيضا قيام المسلحين الحوثيين بقتل وتصفية بعض أفراد عائلة صالح وقيادات حزبه وحراسته وجيرانه وتدمير ممتلكاتهم وبيوتهم واقتحام منازلهم وحصارهم وخطف بعضهم، خلال يومي 3 و4 كانون أول/ديسمبر الجاري.
كما ذكرت البلاغات ارتكاب جماعة الحوثي لعمليات قتل جماعي، تهجير جماعي، حصار وتدمير وقصف مقار حزبية واقتحام مقار عمل، مصادرة معدات عمل، نهب أموال عامة، تقييد حريات عامة، والاعتداء على مظاهرة نسائية، واعتقال واحتجاز جماعي، في العديد من أحياء العاصمة صنعاء ومن بينها شارع مجاهد، وشارع حدة، وشارع الجزائر، وشارع عمّان، وشارع بغداد، وشارع إيران، خلال العشرة الأيام الماضية.
ومن الإدعاءات بالانتهاكات حصار العديد من الأحياء في العاصمة صنعاء، وحجب المواقع الإخبارية الإلكترونية وكافة وسائل التواصل الإجتماعي، وحرمان السكان من الخدمات العامة والخدمات الطبية ومن التواصل مع أهاليهم ومع العالم الخارجي، ابتداء من يوم 6 كانون أول/ديسمبر الجاري حتى اليوم.
وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في 6 كانون أول/ديسمبر الجاري عن مقتل 234 شخصا وإصابة 486 آخرين من العسكريين والمدنيين، في العاصمة صنعاء خلال الأربعة الأيام الأولى من المواجهات المسلحة بين قوات جماعة الحوثي وقوات صالح في العاصمة صنعاء وحدها.
الى ذلك كشفت نقابة الصحافيين اليمنيين عن سلسلة من انتهاكات المسلحين الحوثيين لوسائل إعلام حزب المؤتمر الشعبي العام ابتداء من اقتحام مقر قناة (اليمن اليوم) وقصفها بالقذائف الصاروخية واحتجاز 41 صحافيا وفنيا في مقر القناة منذ 2 كانون أول/ديسمبر وحتى اليوم، واقتحام اذاعة (يمن إف إم) وايقافها وحجب المواقع الاخبارية (المؤتمر نت)، و(الميثاق نت)، و(الميثاق موبايل)، و(وكالة خبر) للأنباء، وصحيفة (صدى) الالكترونية، وفرض حراسة على صحيفة (الميثاق) بالإضافة إلى ملاحقة صحافيين وإعلاميين يعملون في وسائل إعلام حزب المؤتمر وتعميم أسمائهم على النقاط الامنية من قبل جماعة الحوثي بصنعاء.
كما قالت النقابة انها تلقت بلاغا من قناة اليمن الفضائية التابعة لجماعة الحوثي تفيد فيه تعرض مقر مجمع التلفزيون الحكومي بصنعاء مساء الجمعة 8 كانون أول/ديسمبر الجاري لغارتين جويتين من طيران التحالف العربي أصابت الأولى بوابة مبنى التلفزيون وغرفة الحراسة واستهدفت الغارة الثانية تبّة التلفزيون المتوسطة لمباني المجمع التلفزيوني، ما أسفرت عن مقتل 4 من الحراسة الأمنية وموظف آخر، وجرح 4 من العاملين.
وأعلن الاتحاد الأوروبي في بيان أصدره أمس الأحد انه في سياق تدهور الوضع في اليمن، فإن التقارير الواردة من صنعاء عن تصاعد العنف بشكل كبير عقب مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح “تشكل عنصرا من مصادر القلق البالغ”.
وقال “إننا نسمع عن القمع الوحشي والملاحقات الجسيمة والاعتقال التعسفي والقتل التي تقوم بها أنصار الله (جماعة الحوثي) ضد السياسيين في حزب المؤتمر الشعبي العام وأقارب الرئيس السابق وأعضاء منظمات المجتمع المدني وغيرهم من المدنيين”.
من جانبه قال الناطق الرسمي باسم منظمة (رايتس رادار) السيد خيرارد فاندير كرون ان “حجم الانتهاكات لحقوق الإنسان في صنعاء تجاوزت كل التوقعات وبلغت مستوى خطيرا للغاية”. وأضاف “يجب أن يفهم مرتكبوا انتهاكات حقوق الإنسان في صنعاء وبقية المناطق اليمنية انهم لن يفلتوا من العقاب بعد انتهاء الحرب، حيث أن المنظمات الحقوقية تقوم بشكل مستمر بتوثيق هذه الانتهاكات والسعي الى عدم إفلاتهم من العقاب”.
مؤكدا أنه “سيأتي يوم تنتهي فيه الحرب باليمن، في حين سيجد مرتكبوا الانتهاكات أنفسهم بشكل فردي يواجهون مساءلة قانونية محلية أو دولية وأمام ملاحقات المحاكم الجنائية”.
ودعا مختلف أطراف النزاع في اليمن، وبالأخص جماعة الحوثي المسلحة، إلى التوقف عن ارتكابها الانتهاكات لحقوق الإنسان والإلتزام بقوانين الحرب وفي مقدمتها القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
كما طالب المجتمع الدولي بتحمل مسئوليته في حماية المدنيين اليمنيين وتفعيل آليات التحقيق المحلية والدولية في ادعاءات الانتهاكات وممارسة الضغط على المسلحين الحوثيين وعلى قوات التحالف العربي للحد من الاستمرار في ارتكاب الانتهاكات لحقوق الإنسان في مختلف أرجاء اليمن والإفراج الفوري عن المعتقلين والمخفيين قسريا.
**********
الناطقين لوسائل الإعلام:
باللغة الانجليزية: السيد خيرارد فاندير كرون، أمستردام، هولندا،
موبايل +31 6 183 287 51 ))،
إيميل spokesperson@RightsRadar.org
باللغة العربية: السيد وديع عطا، اسطنبول، تركيا،
موبايل (+905346309802)
بريد إلكتروني: media@RightsRadar.org